
يُعدّ السفر من أكثر التجارب إلهاماً ومتعة في حياة الإنسان، لما لوقعه من أثر يجعل الشخص ينفصل، ولو مؤقتاً، عن روتين الحياة اليومية، ليحظى بفرصة اكتشاف أماكن جديدة، والتعرّف إلى ثقافات مختلفة، لكن هذه التجربة قد تتعرّض للإرباك عندما يتعرّض المسافر للسرقة في المطارات، أو على متن الطائرات، أو وسائل المواصلات العامة، فتتحوّل الرحلة إلى ذكرى مريرة.
وفي واقعة كشف عنها الإعلامي اللبناني نيشان، الذي تعرّض لعملية سرقة أثناء تواجده على متن إحدى الطائرات، استغل أحدهم نومه ليسرق قلمه وساعته من حقيبته، الأمر الذي دعانا إلى التنبيه على أهمية التوعية بأساليب النشل والاحتيال التي قد تحدث في المطارات، والمواصلات العامة، ومعرفة الطرق الفعّالة لتجنب الوقوع ضحية لها أثناء السفر.

يحدثنا خبير السفر والسياحة، محمد جاسم الريس، الرئيس التنفيذي لشركة الريس للسفريات والبواخر «يُعد السفر متعة في حد ذاته، ودورنا ألّا نجعله رحلة مملوءة بالأحداث الدرامية التي تفسد سعادتنا، ولا يلزمنا لتحقيق ذلك سوى التركيز في وضع الخطط، واتّباع وسائل الأمان أثناء الرحلة، فكم من حالات فقدت الاستمتاع بإجازتها بسبب فقدانها أشياء هامّة، أو غالية عليها، الأمر الذي يجعلنا نسلط الضوء على وسائل الحماية من السرقة، والتي تكمن في اليقظة والوعي، لكونهما الوسيلة الأفضل للدفاع، وعدم الوقوع في شباك اللصوص، بخاصة أثناء التواجد في المطارات، أو على متن الطائرات، أو القطارات التي نستقلها للانتقال بين المزارات، والأماكن السياحية المختلفة».

نصائح تُجنب المسافر التعرّض للسرقة
يوضح محمد الريس بعض الإجراءات التي تجنب المسافر الوقوع فريسة سهلة في يد اللصوص والمحتالين:
- استخدم حقائب ذات سحّابات آمنة، أو مزودة بميزات مضادة للسرقة.
- قم بتغليف الحقائب في المطار، كي يعيق ذلك وصول السارق لأغراضك بسهولة.
- قلّل عدد ما تحمله من أغراض، حتى لا يتشتت انتباهك في أكثر من موضع.
- لا تظهر الأشياء الثمينة، مثل المجوهرات أو المبالغ النقدية الكبيرة، أثناء تواجدك في الأماكن المزدحمة.
- اقتنِ محفظة مقاومة لتقنية (RFID)، والتي تحمي بطاقات الائتمان والهوية من السرقة الإلكترونية.
- تجنب وضع جميع الأغراض الثمينة في مكان واحد.
- احتفظ بنسخ احتياطية من الوثائق الهامة، رقمياً، ومطبوعة، لمساعدتك على اتخاذ الإجراءات القانونية المسموح بها عند ثبوت واقعة السرقة.
- الجأ إلى الخزائن قدر الإمكان، سواء في الفنادق، أو محطات القطار، وغيرها، مع الحرص على حمل الضروري وما تحتاج إليه خلال يومك.
- تحقق أولاً من قسم المفقودات في المكان الذي تتواجد فيه، فأحياناً يتم تسليم الأغراض الضائعة.
- إذا اكتشفت أن شيئاً قد سُرق منك داخل المطار، أو أي وسيلة مواصلات، تصرّف بسرعة، وقم بإبلاغ الأمن في المطار، أو أقرب مركز للشرطة.
- قم بتقديم معلومات دقيقة عن الغرض المفقود، وآخر مكان رأيته فيه، حتى تسهّل على الآخرين القيام بدورهم.
- إذا كان العنصر المسروق جواز سفر، أو هوية، يجب إبلاغ السفارة التابع لها المسافر، وتقديم بلاغ رسمي بالواقعة، فالتحرّك بسرعة يزيد من فرص استعادة الممتلكات.

ويرى محمد الريس أن التجارب المؤسفة في بعض الأحيان قد تكون دروساً ثمينة، ويروي قصة من أرض الواقع، قائلاً «تعرّض أحد أصدقائي للسرقة أثناء تواجده في إحدى محطات القطار، في دولة أجنبية، وهاتفني كي أنصحه بما يجب عليه فعله في هذا الموقف، وأخبرته ضرورة التواصل فوراً مع السلطات المحلية، والسفارة، بخاصة أن جواز سفره كان ضمن الأغراض المسروقة، كما نصحته بسرعة التواصل مع البنك الذي يتعامل معه لوقف التعامل مع بطاقاته. وعلى الرغم من قيام كل المعنيين بالأمر بأدوارهم كاملة، إلا أن صديقي لم يستطع تخطّي الموقف، وتحوّلت رحلته من وقت للاستمتاع إلى آخر ثقيل على القلب، وللأسف، ضاعت بهجة الرحلة، ومرّت من دون أن تترك أثراً طيباً في نفسه. ونستخلص من تلك التجربة أن الحذر هام لتجنب الوقوع في براثن المحتالين، وأصحاب النفوس الضعيفة».
ضع علامات تعريفية على حقائبك وقلّل من الأمتعة لتجنّب المخاطر المحتملة
ويضيف «لا بدّ أن يحرص المسافر على حمل الأشياء المهمة وغالية الثمن، مثل، الساعات والإلكترونيات، والوثائق المهمة، والنقود في حقيبة اليد، بخاصة أن الحقائب المشحونة قد تتأخر، أو تتعرّض للتلف، أو سرقة محتوياتها، لذا فهي غير آمنة لحفظ تلك الأغراض. كما يجب الحفاظ على المقتنيات، كالمجوهرات، وإبقاؤها في متناول اليد بشكل غير لافت، ويفضل استخدام حقيبة صغيرة، أو تلك التي تُحمل على الكتف، وعلى المسافر إدراك أن الأشخاص الذين يتحركون مع العديد من الحقائب أكثر عرضة للسرقة، لأن انتباههم يكون مشتتاً، كما أن تتبّع كل الأغراض يصبح أصعب أثناء نقاط التفتيش، أو تسجيل الدخول في الفنادق، أو خلال التنقلات بسيارات الأجرة، أو القطارات، ويجب وضع علامات تعريفية على كل حقيبة، مع استخدام أدوات التّتبع لها».

المناطق والظروف الأكثر عرضة للسرقة فيها
وحول التعامل الأمني مع السرقات، توضح المستشارة القانونية المحامية سلوى الحريري «تعد الأماكن المزدحمة، مثل مناطق استلام الأمتعة، ونقاط التفتيش الأمنية، ووسائل النقل العامة، أكثر المناطق عرضة بشكل مباشر للسرقة، ففيها يستغل اللصوص اللحظات التي يكون فيها المسافرون مشتتين في إنهاء إجراءات السفر، أو البحث عن بطاقات الصعود، أو التعامل مع الأمتعة، ويبدأون بمراقبتهم، ثم انتهاز فرصة الانشغال التام عن الصيد الثمين، ومن ثم اقتناصه. وهنا لابد أن نؤكد حقيقة هامة، وهي أن أنظمة الأمن مفيدة، ولكنها لا تحمي بدرجة مئة في المئة، إذا غاب الوعي الشخصي».
وعن الإجراءات القانونية التي يجب على المسافر اتخاذها حال تعرّضه للسرقة، تشير الحريري «الإبلاغ الفوري عن الواقعة، والاستعانة بالشهود الموجودين في المكان، يعد دليلاً قوياً على كشف ملابسات الجريمة، وإن كان الأهم من ذلك كله، هو عدم حمل المسافر أشياء ثمينة إلا لأمر ضروري، وفي هذه الحالة يتم حملها في حقيبة اليد داخل الطائرة، أو في المواصلات العامة، وعدم تركها في الحقائب التي تسلّم للعاملين في المطار أو غيره، ويفضل الإفصاح عنها لموظفي شركة النقل سواء الطيران، أو النقل البحري، لأنه في بعض الأحيان يكون لمثل هذه الشركات طريقة معيّنة في حفظ المتعلقات الشخصية».
تجنب الصداقات المفاجئة وابتعد عن الأماكن المنعزلة في الدولة الأجنبية
وعن أفضل الممارسات التي توصي بها سلوى الحريري لتفادي التعرّض للسرقة في الرحلات السياحية، تقول «لا بد من الابتعاد عن الأماكن المعزولة والخطرة في الدولة الأجنبية، وكذلك تجنب الصداقات المفاجئة التي تفرض نفسها عليك، وعدم الوثوق بالغرباء، مع الحرص على استخدام وسائل النقل العامة، أو الاعتماد على التطبيقات الموثوق بها، والخاصة بالطرق، والأماكن السياحية، والمزارات، وعدم قبول دعوات الغرباء لبرامج سياحية، أو زيارات لأماكن مجهولة، ويفضل أن تتم الحجوزات من خلال الفندق، كما يستحسن الإقامة في فنادق، أو نزل ثابتة في خريطة أماكن الإقامة المعترف بها، وعدم الجري وراء الأرخص منها، والسكن في بيوت خاصة يعرضها أفراد مجهولون، فلا مانع من الاستماع لتوجيهات أصحاب الخبرة، ولكن نفذها بوعي، إضافة إلى الحرص على التنزه مع مجموعات، ولا داعي للخروج في أوقات مبكرة، أو متأخرة، إلا بعلم وإبلاغ مشرف الرحلة أو الفندق».