
تجاوزت مسألة تحضير حقيبة السفر كونها خطوة روتينية، لتصبح قراراً يؤثر، بشكل مباشر، في تجربة الرحلة. وبينما تمنح الحقيبة الصغيرة حرية، وراحة أكبر في التنقل، تتحول الحقيبة الكبيرة إلى عبء يقيّد الحركة، ويشتت التركيز. ومع تزايد الوعي بالسفر الذكي، أصبح اختيار الحقيبة المناسبة مفتاحاً لرحلة أكثر متعة، وسلاسة.
في هذا الإطار، تذكر الموظفة لمى أحمد، التي أرادت أن تقضي أجازة لأسبوع في أوروبا، بعيداً عن ضغوطات العمل «بدأت بتحضير الحقيبة في مدة غير قصيرة، لينقلب هذا الحماس إلى توتر، بعد وضع الكثير من الاحتياجات التي كنت أعتقد ضرورة حملها، وبدلاً من حقيبة واحدة حملت حقيبتين»، وتضيف «أعاقت الحقائب تنقلي من مكان لآخر، وأفسدت متعة التسوق، وحمل التذكارات والهدايا من الأماكن التي زرتها، بسبب زيادة الوزن».

تطبيق مفهوم «السفر الذكي»
تغيّر مفهوم السفر في السنوات الأخيرة من كونه رفاهية ليصبح ضرورة، حتى أن الكثير من المسافرين بدأوا بإعادة النظر في تفاصيل السفر، خصوصاً ما يتعلق بطريقة تحضير الأمتعة، والعلاقة بين حجم الحقيبة، ومدى الاستمتاع بتجربة السفر. ويكشف خبير السفر محمد آل علي «في الزمن السريع الذي نعيشه، صرنا نميل إلى البساطة في كل شيء، وهذا يشمل السفر أيضاً. فالكثير من الأشخاص صاروا يفضلون السفر الخفيف، لأنهم اكتشفوا أن خفة حقيبة السفر تعني خفة في التنقل، وراحة أكبر، وفرصة حقيقية للاستمتاع بكل لحظة. إذ إن تأثير حمل الأمتعة الزائدة لا يقتصر على الجهد البدني، أنما ينعكس على نفسية المسافر، بسبب أنشغاله بالترتيب، والسحب، والتفكير في ما يجب حمله، أو تركه، مشتتاً انتباهه عن عيش التجربة، والاستمتاع بها، على عكس الحقيبة الصغيرة التي تتيح للشخص الحركة بحرية، والاستمتاع بالرحلة، من دون تعب».
ويشير محمد آل علي إلى الاتجاه العالمي نحو (السفر الذكي)، بدءاً من اختيار الوجهة، والتخطيط للرحلة، وحتى تقليص حجم الحقيبة «لا يقتصر تقليص حجم الحقيبة على تقليل الوزن فقط، ولم يعُد تجهيزها مجرّد خطوة، بل أصبح أسلوب حياة يعكس وعياً متزايداً بالتخطيط، والكفاءة، حيث يحرص الكثير من المسافرين، اليوم، على اختيار الأدوات متعدّدة الاستخدام، والاعتماد على تطبيقات تساعدهم على تنظيم رحلاتهم، وتحديد ما يحتاجون إليه بدقة، ما يجنّبهم الحيرة، أو حمل الأغراض غير الضرورية. فحين تكون الأمتعة محدودة وخفيفة، يشعر المسافر بحرية أكبر في التنقل، من دون أن يضطر إلى طلب المساعدة، أو القلق بشأن الوزن الزائد أو صعوبة الحركة بين وسائل المواصلات، أو أماكن الإقامة. في المقابل، تتحول الحقيبة الثقيلة إلى عبء يقيّد حريته».

أخطاء تجهيز حقيبة السفر
يقع الكثير من المسافرين في فخّ التحضير الزائد، فيحملون معهم أشياء يعتقدون أنهم بحاجة لها، لكنها في الواقع تتحول إلى عبء يثقل رحلتهم، ويفقدهم متعتها. وتذكر كوتش الاستدامة النفسية والتمكين الذاتي وخبيرة الرحلات الواعية وجودة الحياة، الدكتورة أماني أحمد الدوسري «الملابس هي من أبرز الأغراض الزائدة التي يضعها المسافر في الحقيبة، لمجرد احتمال استخدامها، أو للرغبة في الظهور بإطلالات متعدّدة، إضافة إلى حمل الكثير أزواج الأحذية التي لا تناسب التنقلات الطويلة، أو الطبيعة في المكان المقصود. فيما يصطحب بعض المسافرين أدوات تصفيف الشعر، الشامبو والصابون، وأجهزة إلكترونية كثيرة، وكتباً ثقيلة، وكماليات تجميلية، أو مجوهرات غير ضرورية. إضافة إلى المبالغة في حمل الأطعمة، أو مستلزمات متعدّدة لنفس الغرض، مثل أكثر من شاحن، أو حقيبة يد. ومع ازدياد هذا الحمل، يصبح التنقل مرهقاً، ويضطر إلى طلب المساعدة لحمل أمتعته، أو دفع مبالغ إضافية بسبب الوزن الزائد في المطار، فضلاً عن الوقت المستهلك في ترتيبها، وصعوبة الوصول إلى ما يريد بين زحمة محتويات الحقيبة».

ولتفادي السؤال الأساسي الذي يواجه الكثير من الأشخاص خلال مدّة الاستعداد للسفر «هل فعلاً سأستخدم هذا الغرض، أم سأحمله من دون فائدة؟»، تضع د. أماني عدة نقاط رئيسية تساعد على اتخاذ القرار المناسب لتجهيز حقيبة سفر، خفيفة ومناسبة:
- بعد تحديد وجهة الرحلة، من الهام الالتفات إلى تفاصيل وسائل النقل، خصوصاً إذا كان السفر بالطائرة، للتأكد من أبعاد وزن الحقيبة، والحرص على اختيار ما يسهل حمله، وسحبه منها، بخاصة في الوجهات التي يضطر فيها المسافر إلى استخدام وسائل مواصلات أخرى، مثل القطارات، أو الحافلات.
- التأكد من قائمة المستلزمات التي يوفرها فندق الوجهة لتجنّب حمل المتوفر منها هناك.
- إعداد قائمة بجميع الاحتياجات الضرورية، بدءاً من الملابس، إلى الأحذية، وحقائب اليد، والإكسسوارات، وحتى الأدوية والمعقمات، بكميات وأحجام مناسبة، يسهل حملها، وترك مساحة للمشتريات، أو الهدايا في رحلة العودة.
- يلعب اختيار الملابس دوراً كبيراً في جعل الرحلة أكثر راحة، وسلاسة، لذلك يجب التأكد من درجات الحرارة، والطقس، وثقافة البلد، وجهة السفر، ليتمكن الشخص من أخذ الملابس المريحة التي تناسب الطقس، مع التركيز على الألوان المحايدة، والقطع القابلة للتنسيق التي تمنح الشخص مظهراً متجدّداً كل مرة، واختيار الملابس المصنوعة من أقمشة خفيفة الوزن، وسهلة الطي، لا تأخذ مساحة كبيرة من الحقيبة، إضافة إلى بعض القطع الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في الرحلات، على سبيل المثال، شال متعدد الاستخدامات، أو معطف يناسب الطقس.
- تجنب الأخطاء الشائعة في السفر، وملء الحقيبة بمستلزمات وأغراض لا فائدة منها، على سبيل المثال، أحذية غير مناسبة، ملابس رسمية لا حاجة إليها، كتب ثقيلة، أدوات ومستحضرات يوفرها الفندق، مثل الشامبو، والصابون، وأدوات الحلاقة، والأجهزة الإلكترونية (كومبيوتر، جهاز لوحي)، إن كانت الرحلة ترفيهية فقط، إضافة إلى الكماليات التي لا تتناسب وطبيعة الرحلة، كالإكسسوارات، والمجوهرات الثمينة، والحقائب ذات العلامات التجارية الفاخرة، وبشكل خاص، في الرحلات التي تتخللها تنقلات كثيرة، وأنشطة رياضية.
- اختيار الحذاء الرياضي المريح الذي يسهل حركة التنقل، بخاصة في الرحلات التي تتطلب المشي لمسافات طويلة، أو تغيير مكان الإقامة.