«مهرجان دبي للألعاب والرياضات الرقمية».. من الترفيه إلى صناعة عالمية تجذب الشباب

تُعد صناعة الألعاب الإلكترونية والرياضات الرقمية اليوم، من أكثر القطاعات نموّاً، وربحية، مدفوعة بشريحة واسعة من الشباب في المنطقة، وتطوّر البنية الرقمية، واهتمام حكومي متزايد. ويؤكد النجاح الكبير لقمّة GameExpo 2025 أن الإمارات، ودبي تحديداً، تسير بخطى واثقة نحو قيادة مستقبل صناعة الألعاب والرياضات الرقمية، عربياً وعالمياً، عبر تعزيز بيئة الابتكار، وجذب الاستثمارات، وتمكين المواهب الشابة.

إذ لم يعد «مهرجان دبي للألعاب والرياضات الرقمية» مجرّد فعالية ترفيهية، بل تحوّل إلى منصة تفاعلية متكاملة عرضت أحدث الابتكارات في عالم الألعاب، حيث شهدت بطولات تنافسية في أشهر الألعاب الإلكترونية، إضافة إلى ورش عمل، وندوات تقنية ناقشت مستقبل القطاع، وفرص الاستثمار فيه. وخلال جولة «كل الأسرة» في المهرجان حاورنا عدداً من شركات الألعاب العالمية، إلى جانب مطوّرين مستقلين من دول عربية، عرضوا تجارب وألعاباً مستوحاة من الثقافة المحلية، في مشهد يعكس تنوع الإنتاج العربي، وتطوّره.

الإمارات تحضن اللاعبين وتدعم الصناعة
تحدث صانع محتوى الألعاب وستريمر ألعاب في الإمارات، الملقب بـ«بيرلس»، عن دعم دولة الإمارات لصناعة الألعاب الإلكترونية والرياضات الرقمية، وقال «ما يحدث اليوم في عالم الألعاب الإلكترونية كنا نحلم به قبل 10 أو 15 سنة. في طفولتي، كنا نلعب، ونبرمج ألعاباً بسيطة كهواية، من دون وجود منصات حقيقية تحتضننا، أو تشجعنا. أما اليوم، فقد ظهرت مهرجانات وبطولات وحاضنات أعمال، إضافة إلى الدعم الحكومي الواضح، الذي عزز اقتناع الأهل بإعطاء أبنائهم الفرصة لممارسة هواياتهم، وتطوير أنفسهم في هذا المجال. ولو كان هذا الدعم متوفراً في بداية مسيرتي، لكان تطوري كـ«جيمر» مختلفاً تماماً، فالجيل الجديد يمتلك فرصاً لم نكن نتخيلها، وهذا يبشر بمستقبل قوي لصناعة الألعاب في الإمارات، والمنطقة».

صناعة لعبة إلكترونية إماراتية
بدوره، استعرض علي السجواني، مدير الـ«سوشيال ميديا» للعبة «شارع الظلام»، نجاح تجربتهم في عالم برمجة وصناعة الألعاب الرقمية، «فخورون بما حققناه في لعبة «شارع الظلام»، وهي لعبة رقمية من منظور إماراتي، طوّرناها لتجسّد قصصاً وشخصيات مستوحاة من ثقافة دولة الإمارات، حيث يظهر البطل حمدان في مواجهة خصمه الدكتور شاهين، الذي أنشأ مدينة مملوءة بالأشباح والزومبي، لإعاقة حمدان عن الوصول إلى مدينة الظلام، والذي ينافس بمساعدة أبطال من كل دول الخليج، الذين يظهرون بزيّهم المحلي في اللعبة، وقد عملنا على تصميم اللعبة وبرمجتها بأنفسنا.

وحرصنا على أن تحمل طابعاً محلياً مميّزاً، يجمع بين الترفيه والهوية الثقافية. وقد حققت اللعبة نجاحاً كبيراً. ومن خلال مشاركتنا في المهرجانات المتخصصة، ننظم منافسات بين اللاعبين، ونتفاعل مع الجمهور، ما يعزز من انتشار اللعبة، ويحفّزنا على تطويرها باستمرار».

فتح المجال للنساء في قطاع الألعاب الإلكترونية
وأوضحت سارة، مطورة ألعاب إماراتية وعضوة في إحدى حاضنات الابتكار الرقمي «لم يكن أحد يتخيّل في السابق أن فتاة من منطقتنا يمكن أن تعمل في مجال تطوير الألعاب، وأن يُنظر إليها كصانعة محتوى تقني وإبداعي. أما اليوم، فقد تغيّر الوضع كلياً؛ فهناك دعم حقيقي للنساء في قطاع الألعاب، يشمل التدريب والتمويل، ما يمنحنا ثقة أكبر، ومساحة أوسع لترجمة شغفنا بالألعاب الإلكترونية والرقمية».

تغير قناعة الأهل بممارسة الألعاب الإلكترونية
أما اللاعب صالح العتيبي، فتحدث عن رأي الأهل «في السابق، كانت الألعاب الإلكترونية تُعد مضيعة للوقت في نظر كثير من العائلات، لكن اليوم تغيّرت النظرة تماماً. أصبحت عائلتي ترى في هذا المجال فرصة حقيقية للنجاح، بل وسيلة لبناء مستقبل من خلال ممارسة ما أحب. الدعم الذي أتلقاه من أهلي اليوم لم يكن ليتحقق لولا إدراكهم أن الألعاب لم تعد مجرد تسلية، بل صناعة متكاملة، يمكن أن تدر أرباحاً، وتفتح أبواباً لمهن جديدة في البرمجة، والبث، والتصميم، وحتى ريادة الأعمال. هذه الثقة تمنحني دافعاً أكبر لأستمر، وأثبت أن الشغف يمكن أن يتحوّل إلى إنجاز حقيقي».

تطوير مستوى اللاعبين الإلكترونيين
أحمد اللجي، مؤسس شركة محلية متخصصة في تدريب وتطوير لاعبي الألعاب الرقمية، هدفها أن يحقق اللاعبون أرباحاً مالية من خلال اللعب، أو صناعة الألعاب، يقول «لم أُؤسس شركتي بدافع الربح، بل لأنني مؤمن بقدرات الشباب في مجال الألعاب الرقمية. فكثير من اللاعبين يمتلكون موهبة حقيقية، لكنهم يفتقرون إلى التوجيه، والفرص المناسبة. ولهذا قررت أن أقدّم التدريب مجاناً لكل من يعشق الألعاب، سواء كان يحلم بأن يصبح لاعباً محترفاً، أو يسعى للدخول في صناعة الألعاب من منظور أوسع. هدفي أن أكون الداعم الذي كنت أتمناه عندما كنت لاعباً صغيراً بلا مرشد، أو طريق واضح. واليوم، أرى أن التدريب المجاني هو استثمار في مجتمعنا، وشبابنا».

تطور صناعات داعمة لعالم الألعاب الإلكترونية
وعلى صعيد آخر، خلق الاهتمام والدعم بالألعاب الإلكترونية فرصاً لصناعات مساندة، وفتح أسواقاً كثيرة معززة لهذه الصناعة، فقد أدرك وائل محمد من خلال تأسيسه لشركة متخصصة في تصنيع وتجميع الأجهزة والإكسسوار اللازمة للألعاب الإلكترونية، الاهتمام المتزايد بالألعاب الرقمية في الإمارات «لم يقتصر أثره في اللاعبين والمطورين فقط، بل فتح أبواباً واسعة لقطاعات صناعية وتجارية مساندة. نحن نستورد بعض القطع من الخارج، ونعمل على تجميعها محلياً، كما نُصمم ونُنتج أدوات وإكسسوارات مخصصة تلبي احتياجات اللاعبين، المحترفين والهواة ،على حد سواء. هذا النمو في قطاع الألعاب خلق سوقاً جديدة ومزدهرة، وأسهم في دفع عجلة الابتكار والتصنيع المحلي، ما يجعلني مؤمناً بأن صناعة الألعاب أصبحت محفزاً حقيقياً لنمو اقتصادي متعدّد الأبعاد».

فنون الألعاب الرقمية
بدورها، تعمل مريم الزرعوني على مشروع فني مستقل لرسم شخصيات الألعاب الإلكترونية والرقمية «نشأت وأنا مولعة بالألعاب الإلكترونية، وشخصياتها الفريدة، وفي الوقت ذاته، كنت أدرس الهندسة المعمارية، وأمارس شغفي بالرسم. ومع مرور الوقت، بدأت أعيد رسم أبطال الألعاب بأسلوبي الخاص، وأحوّل تلك الرسومات إلى ملصقات فنية، ومنتجات يدوية. لم أتوقع أن يتحوّل هذا الشغف إلى مشروع حقيقي، لكن التفاعل الكبير من مجتمع اللاعبين دفعني إلى تطوير فكرتي، وافتتاح متجري الخاص. اليوم، أستطيع القول إنني وجدت طريقتي في الجمع بين هواياتي المختلفة، وصنعت لنفسي مكاناً في هذا العالم بأسلوبي الفني المميّز».

تجارة إكسسوارات الألعاب الإلكترونية والرقمية
محمد الفلاسي، شاب إماراتي وصاحب مشروع للهدايا التذكارية المستوحاة من الألعاب الإلكترونية، أكد «كنت منذ طفولتي شغوفاً بشخصيات الألعاب الإلكترونية، سواء تلك الكلاسيكية مثل ماريو وسونيك، أو الحديثة مثل كريتوس وماستر شيف. ومع مرور الوقت، قررت أن أحوّل هذا الشغف إلى مشروع مبتكر، فبدأت بتصميم هدايا تذكارية وإكسسوارات فنية يدوية مستوحاة من تلك الشخصيات المحبوبة. وقد لاقى المشروع إقبالاً واسعاً من عشّاق الألعاب، لا سيما من الجيل الذي نشأ على هذه العوالم الرقمية. أطمح اليوم إلى تطوير مشروعي باستخدام تقنيات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد، والتصميم الرقمي، لأنني أؤمن بأن الألعاب الإلكترونية لم تُنتج لاعبين فقط، بل أسهمت في نشوء صناعات جديدة، وفرص اقتصادية واعدة».