وسط امتداد الرمال الذهبية في الصحراء الإماراتية، تنبض مزرعة الإمارات العضوية (Emirates Bio Farm) بالحياة، لتقدم نموذجاً فريداً من الزراعة يجمع بين الاستدامة والابتكار، ووجهة ترفيهية تستقطب الآف الزوار الراغبين في اكتشاف أسرار الزراعة العضوية، وأهمية الاستدامة البيئية، في تجربة استثنائية تجمع بين التعلّم، والمتعة، والعودة إلى الجذور.
انطلقت مزرعة الإمارات العضوية عام 2017، بدافع تأسيس نموذج يحتذى في مجال الزراعة المستدامة، بجمعها بين أساليب الزراعة الحديثة، والحفاظ على البيئة، لإنتاج محاصيل ومنتجات بجودة عالية، حيث تنتج المزرعة التي تمتد على مساحات شاسعة أكثر من 50 صنفاً من المحاصيل الزراعية، تتنوع ما بين الجزر، البطاطا، الطماطم، الفاصوليا، ملفوف أبيض، كيل، الخس بأنواعه، إضافة إلى مجموعة أخرى من الخضراوات التي تزرع وفق معايير بيئية، تعتمد على تقنيات الزراعة العضوية المستدامة، بالاستفادة من كل الموارد الزراعية للمزرعة، حيث تتم إعادة تدوير المخلفات النباتية والحيوانية، وتحويلها إلى أسمدة طبيعية للمحافظة على صحة التربة، وتحسين جودتها بمرور الوقت.
مع إشراق كل صباح، تفتح المزرعة أبوابها لاستقبال الزوار، في تجربة استثنائية تجمع بين التعليم، والتذوّق، والاستمتاع، حيث تستقطب المزرعة أكثر من 3,000 زائر أسبوعياً، ليعيشوا تجربة زراعية متكاملة، تبدأ بمشاهدة مراحل الزراعة المختلفة عن قرب، والتعرّف إلى أساليب استخدام الأسمدة الطبيعية، والحدّ من المواد الكيميائية، ما يعزز وعيهم بأهمية العودة للطبيعة في إنتاج الغذاء الصحي.
سوق المزرعة
عند مدخل المزرعة يستقبل الزوار «السوق» مقدماً تجربة تسوّق مختلفة عن المتاجر التقليدية، حيث لا يقتصر الأمر في هذا السوق على شراء الخضراوات العضوية، والبيض العضوي الطازج، لتمتد إلى المنتجات العضوية الأخرى المعدّة في المزرعة، مثل المخللات، الصلصات، والعسل الطبيعي، وغيرها من الأغذية الصحية، ما يعكس رؤية المزرعة في تحقيق التكامل بين الإنتاج الزراعي والتصنيع الغذائي، ويقلل من الفاقد الزراعي، ويخلق فرصاً اقتصادية جديدة. ووفقاً للمعايير العالمية للزراعة العضوية، يتم ترخيص هذه المنتجات لضمان جودتها، ومطابقتها للمواصفات العضوية، ما يجعلها خياراً مثالياً للباحثين عن الغذاء الصحي والطبيعي. كما تقدم المزرعة تجربة تذوّق مميّزة، من خلال المطعم العضوي الذي يقدم وجبات طازجة تعتمد على مكونات طبيعية خالية من المواد العضوية.
لا تقتصر التجربة في المزرعة على الجانب النظري فقط، بل تتيح الفرصة للأطفال للتفاعل مع البيئة الزراعية، من خلال أنشطة تفاعلية مصممة لتعزيز وعيهم البيئي، منها جولات الحصاد التي يخوضون فيها تجربة قطف الخضراوات والفواكه بأيديهم، ليتعرفوا، بشكل أعمق، إلى مصدر غذائهم، إضافة إلى ورشة «المزارع الصغير» لتعلم أساسيات الزراعة، من زراعة البذور إلى العناية بالنباتات، وفرصة التفاعل مع الحيوانات، من خلال إطعام الأغنام والدجاج، والتعرف إلى دورة الحياة الطبيعية للكائنات الزراعية، إلى جانب فرصة المشاركة في أنشطة الفنون والحِرف اليدوية التي يستخدمون فيها المواد الطبيعية لصناعة أعمال فنية، ما ينمّي مهاراتهم الإبداعية.
كما تمنح الكبار تجربة المشاركة في الجولات الإرشادية التي تسلط الضوء على تقنيات الزراعة العضوية، وأهمية الاستدامة الغذائية، إضافة إلى فرصة الحصاد الذاتي، التي تتيح للزوار قطف الخضراوات الطازجة مباشرة، والاستمتاع بتناولها، وورش الطهي الصحي التي يشرف عليها طهاة محترفون، يتعلم فيها المشاركون تحضير وجبات صحية، باستخدام المنتجات العضوية الطازجة المزروعة في المزرعة.
لمن يبحث عن الهدوء والاسترخاء، تُعد المزرعة بيئة مثالية لممارسة التأمل واليوغا، أو قضاء وقت ممتع وسط الطبيعة بعيداً عن ضغوط الحياة، بفضل موقعها المميّز، وما توفره من أجواء مثالية للتأمل، والاسترخاء، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بخيارات متنوّعة، منها المشي بين الحقول، الجلوس في مناطق مظللة، أو حتى قضاء يوم عائلي في أحضان الطبيعة.
* تصوير: السيد رمضان