2 مايو 2024

د. حسن مدن يكتب: الشباب أقلّ سعادة

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

د. حسن مدن يكتب: الشباب أقلّ سعادة

نرجّح أننا سنتلقى أجوبة مختلفة لو جرّبنا أن نسأل من باتوا آباء وأمهّات، أو حتى أولئك الذين أصبح لهم أحفاد عن المرحلة العمرية التي يعتبرونها الأكثر سعادة في حياتهم، أتراها كانت في الطفولة، أم في مطالع الشباب وسنوات الجامعة، أم بعد أن ولجوا سوق العمل واستقرّوا عائلياً؟ ولمن هم أكبر سناً يمكن إضافة سؤال عن مرتبة السعادة التي يمنحونها لمرحلة ما بعد تقاعدهم عن العمل.

تفاوت الإجابات آتٍ من اختلاف تجارب الناس. قد تكون طفولة البعض سعيدة، والبعض الآخر شقيّة، لكن يمكن للحياة أن تسير لاحقاً في مسارات أخرى نقيضة، فمن خبروا البؤس والشقاء في طفولتهم قد يبلغون بعد الكبر ضفافاً أخرى سعيدة، مبهجة، وناجحة، ومن عاشوا طفولة سعيدة يمكن للأقدار أن ترسم لهم حياة مختلفة مملوءة بالصّعاب، والمشقّات، وأوجه الفشل.

لأول مرة اهتمّ واضعو التقرير العالمي السنوي للسعادة، في هذا العام (2024) بتقديم تصنيفات منفصلة على أساس الفئة العمرية، فلم يكتفوا بما اعتادوا عليه بتحديد الدول الأكثر سعادة في العالم، وتلك الأكثر تعاسة، حيث تبوأت الدولة الإسكندنافية الصغيرة، فنلندا، وللسنة السابعة على التوالي، مركز أسعد دولة في العالم، وخرجت الدولة الأهم والأقوى اقتصادياً، الولايات المتحدة الأمريكية، من قائمة أكثر عشرين دولة في مؤشرات السعادة، للمرة الأولى منذ بدء نشر التقرير، وإنما اهتمّ هؤلاء، أي واضعو التقرير، أيضاً بتحديد أي الفئات العمرية الأكثر سعادة في البلدان المختلفة.

أظهرت النتائج انخفاضاً في مستوى سعادة الشباب، بخاصة في أمريكا الشمالية، وأوروبا الغربية، فيما تصدرت ليتوانيا الواقعة على بحر البلطيق قائمة الأطفال والشباب السعداء الذين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً، ونجد حالاً نقيضة في دولة اسكندنافية أخرى، هي الدنمارك التي صنفت كأسعد دولة في العالم لمن هم في سن 60 عاماً، فما فوق.

وبشكل عام، انخفض معدل الشعور بالسعادة في الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، في جميع الفئات العمرية، ولكن بشكل خاص في فئة الشباب، التي تعدّ الآن الفئة العمرية الأقل سعادة، وتنقل التقارير عن أحد المختصين قوله إن انخفاض الشعور بالسعادة في فئة الأطفال والشباب يتناقض مع فكرة أن الأطفال يبدأون حياتهم سعداء، قبل أن ينزلقوا نحو أزمة منتصف العمر، فعندما سُئل الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً فقط عن السعادة، احتلت أمريكا دولة في العالم المركز 62، وظهر هذا أيضاً في بريطانيا، إذ احتل البريطانيون الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً المرتبة 32 في تصنيف السعادة، خلف دولة مثل السلفادور، التي لديها أحد أعلى معدلات الجريمة في العالم، بل إن أغلبية المراهقين البريطانيين توقعوا أن تكون حياتهم أسوأ من الجيل السابق، فيما وصل البريطانيون الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً، إلى قائمة أفضل 20 من أسعد الأجيال الأكبر سناً في العالم.

 

مقالات ذات صلة