لم تعد الاستدامة مجرد شعار يرفع أو مشاريع تكتب أو خطط تنتظر التنفيذ، بل نقلتها ألمانيا إلى واقع ملموس، سيمفونية رائعة متناغمة تجمع الطبيعة بالبشر لينطلق السائح في رحلة من العجائب الخلابة لهذا البلد الذي بات اليوم منارة للسفر الصديق للبيئة بعد أن نجح في رسم مبادرات توفق بين ما يبحث عنه المسافر من متعة واسترخاء وترفيه وحتى علاج وشفاء، وإشراكه في الحفاظ على التراث والثقافة المحلية بممارسات مسؤولة يتعلم منها ويتفاعل وينقل خبراتها.
من الجبال الشامخة إلى الغابات الساحرة مروراً بالمدن النابضة بالحياة والمناطق الساحلية الهادئة، تقدم ألمانيا مجموعة من الوجهات المتميزة بسلسلة جمال أخاذ تغمر المسافر بواقع تتراقص فيه أشعة الشمس الحنونة وتلقي عليه التحية قطرات الندى وترحب به أوراق الشجر الخضراء المزهرة وتعزف له الطيور أجمل ألحان الطبيعة وهي تتهادى مع نسمات الهواء اللطيفة.
مرحبا بكم في عالم ساحر من الاستدامة، حيث تنتظر السائح فرص استكشاف ألمانيا دون تأثير في البيئة من خلال الطاقة النظيفة في أماكن الإقامة والملاذات الصحية للجسد والروح في كل مكان والزراعة العضوية التي تثري الأطباق، تحت سماء مفتوحة ملؤها الصفاء وتنفس هواء منعش يداعب الحواس ونفحات عطرية من الزهور البرية والأشجار المعمرة تحيط بك الفراشات من كل مكان وسط إيقاع كورالي ترتل فيه العصافير والطيور أجمل الألحان، كل ذلك وأنت تقف على سجادة خضراء، كأنك في رحلة ساحرة من الخيال أو حلم لا ترغب أن تستيقظ منه على الإطلاق.
في ألمانيا المستدامة أنت تنام في أحضان الطبيعة الشافية، تسترخي فيها النفوس المنهكة، لتتولى تنقية جسمك وذهنك وروحك من سموم وأعباء الحياة العصرية وتعيدك إلى فطرة الطبيعة الأم.
مدينة لوبيك الساحرة.. نموذج رائع للاستدامة
كثيرة هي الخيارات التي توفرها ألمانيا للسياحة المستدامة، وجميعها تتميز بكل ما ذكرناه من روائع وكنوز الطبيعة البكر، وواحدة منها هي مدينة لوبيك التي لن تصدق عيناك ما ستراه فيها، فهذه المدينة شهادة حية على ما يجب أن تكون عليه السياحة المستدامة، تناغم وتوازن دقيق بين حفظ النظام البيئي والوجود البشري، مساحات تغمرها الحياة بتناغم مذهل من الألوان، تمتد إلى أبعد ما يمكنك رؤيته، لتشكل ملجأ لكل باحث عن الهدوء والاسترخاء وتجديد الشباب. هنا يتهادى الوقت بإيقاع هادئ للغاية، يجعلك تسافر، وأنت مسافر، في جولات من الأساطير والحكايات.
لوبيك، الواقعة في شمال ألمانيا على بحر البلطيق، هي جوهرة ولاية شليسفيش هولشتاين، وهي جزيرة في قلب نهر ترافا.. لكل بناية هنا تاريخ ولكل ساحة ماض عريق، بملاحم هندسية من العصر القوطي وعصر النهضة والباروك والكلاسيكي، بحيث إنها أدرجت في عام 1987 في قائمة الإرث الثقافي العالمي لمنظمة اليونسكو، ومن السهل أن تعرف السبب وأنت وسط كم هائل من المتاحف والكنائس والبيوت والمعارض التي تعكس إرثاً حضارياً ومعالم يفوح منها عبق الماضي. ليس عليك سوى السير في أزقتها الضيقة والمصفوفة بالحصى والحجارة الصغيرة، والتجول بناظريك في عالم من الروايات ترويها مبان عمرها مئات السنين تهمس بأسرار الزمن وخبايا المكان، وتستمتع أيضاً بمناظر الأزهار والأشجار التي تحفك من كل مكان وتصغي إلى المدينة القديمة وهي تتفاخر أمامك بروعتها وجمالها
في هذه المدينة الساحرة ستتعرف كذلك على مبدعين من كل الأطياف، منهم من حصل على جائزة نوبل مثل الروائي الألماني توماس مان الذي تحول منزله إلى متحف يخلد أعماله، وعلى بعد أمتار منه نجد بيت الكاتب الشهير غونتر غراس، مبدع آخر تحول منزله إلى معرض دائم لرسوماته وكتبه وأعماله الأدبية بعد أن حصل هو الآخر على جائزة نوبل، وبعدهما، نجد منزل المستشار الألماني السابق فيلي براندت الذي نال جائزة نوبل للسلام. وإضافة لكل ذلك، ستتوقف حتماً وطويلاً عند بوابة هولستن المائلة التي شيدت في القرن 15. وبعد الانتهاء من جولتك في المدينة وكنوزها، بإمكانك التوجه إلى الساحل، حيث يصب نهر تراف في بحر البلطيق، والاستمتاع بشاطئ قل نظيره ونسيم بحر يجعلك تتمنى ألا تغادر هذا المكان أبداً.
في لوبيك ستجد أماكن إقامة وافرة ومتنوعة وتناسب كل الأذواق والميزانيات. وحالما يحين موعد تناول الطعام، ستدخل في عالم جديد تكتشف فيه أطباقاً محلية مكونة من عطايا الأرض الوديعة التي تجود بخيراتها الطبيعية والعضوية لتصبح كل لقمة تتناولها مغموسة بالحب والود الذي يكنه المزارعون في لوبيك لمحصولاتهم التي يرعونها من البذرة إلى الحصاد كي تصل مباشرة إلى صحنك. وستكتشف خيرات البحر بأشكال وأصناف طازجة وعديدة من صيد اليوم، تفتن الأذواق وتحمل أسراراً تنتظر من يكتشفها وطعماً يأخذك إلى خيالات ساحرة.. انفجار من النكهات ووليمة لا تنتهي. وحالما تعتقد أنك انتهيت ولم يعد هناك جديد، ستفاجأ بطبق حلوى الماريسبان الشهير في لوبيك، ولن نكشف محتوياته، فالتجربة لا يمكن وصفها.
في مطابخ لوبيك المتنوعة تتراقص نكهات التوابل وروائح الأعشاب وترسم الأكلات أمامك قصائد عشق للأرض والطبيعة والبيئة البكر، ليكون مذاقها في فمك استثنائياً فينطبع في مخيلتك ويكتب في ذكرياتك جملة ستكررها طويلاً «لن أنسى ما تناولته في لوبيك».
جولات وأنشطة صديقة للبيئة
في حضن الطبيعة الخضراء والممرات المائية التي لا توصف في لوبيك، تكثر الأنشطة في الهواء الطلق وتتعدد التجارب والمغامرات الشيقة وعجائبها. واحدة من أروع هذه المغامرات هي جولة القارب الكهربائي الذي يتهادى على طول نهر تراف، كأنك في رحلة غزل حيث تعزف الحياة هناك سيمفونية العشق لتسترخي على القارب وتستمتع بمشاهد الطبيعة وأصواتها من المروج والغابات على ضفتي النهر، وإذا ما جربت أن تغمض عينيك ستشعر بنفحات نسيم الهواء وهي تمسح برقة على وجنتيك وتدس نفسها في أعماقك. في قلب لوبيك ستجد خيارات مذهلة أخرى لا يمكن أن تنساها لأنها ليست متعة وترفيهاً فحسب بل علاج واستشفاء وتجديد لروح الشباب، منها الجولات البحرية المزينة بالبهجة لمشاهدة روعة المدينة، وفرصة اكتشاف كنوز المدينة الطبيعية والعمرانية وأنت على متن قارب كاياك خاص بك، وهناك أيضاً جولات المشي لمسافات طويلة داخل غابات ومحميات لوبيك لاستنشاق هواء الغابات والأراضي البرية والتعرف إلى أسرارها وحياة الكائنات فيها.
برلين.. مبادرات خضراء مبتكرة
في كل مكان من ألمانيا يمتزج التاريخ والحداثة في تناغم فريد وعصري، حيث تبنى الممارسات المستدامة بأسلوب راق يحافظ على الثقافة المحلية وتراثها ويعزز الوعي البيئي ومقتضياته. توجهنا إلى برلين لنرى كيف نجحت ألمانيا في تحويل المدن الصناعية والكبرى، التي يقبل عليها السياح باعتبارها وجهة عالمية للسفر والتسوق والترفيه، إلى جسر أيضاً يربط بين الماضي والمستقبل وأنت تتجول في حاضرها. فمن خلال العديد من المبادرات الخضراء، بإمكان السائح استكشاف المعالم الشهيرة هناك والعجائب التاريخية والثقافية المعروفة في برلين من خلال شبكة واسعة من خيارات النقل المستدام وممرات الدراجات الهوائية والشوارع الصديقة للمشاة وتسخير الطاقة الشمسية.. إلى جانب ذلك، نرى جهداً متزايداً من قبل أماكن الإقامة والفنادق في الإقبال على تبني خطط الاستدامة باعتماد المباني والتدابير الخضراء واستخدام الأنظمة الموفرة للطاقة وبرامج الحد من النفايات وإعادة التدوير، بحيث يقيم الزائر والسائح فيها وهو ينعم بشعور المحافظة على البيئة ويسعد بكونه جزءاً من الحملة الألمانية الواسعة للتشجيع على الاستدامة والتعلم منها ونقل تجربتها معه.
محمية Uckemark.. ملاذ دائم للاستدامة
ضمن زيارتنا الرائعة لبرلين، توجهنا هذه المرة إلى غابة Uckemark ذات الطبيعة الخلابة، التي تعتبر مثالاً حياً على جهود ألمانيا في الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي الساحر فيها. ومما زاد الجولة في هذا المكان روعة وجود شخص خبير للغاية هو توماس فولبيرس الذي أمضى عشرات السنين في الاهتمام بالحياة البرية. استغرقت الجولة داخل هذه الغابة حوالي ثلاث ساعات، شاهدنا بأعيننا مناظر لم نكن نعتقد أنها موجودة على أرض الواقع، مشاهد تجعل كل من يحب الأرض يتمسك بما لديه حالياً ويبذل كل ما في وسعه لإيقاف كل اعتداء على الطبيعة.. فهذه الغابة نموذج واقعي على أن بإمكاننا النجاح إذا ما أصررنا على المضي قدماً في تطبيق الاستدامة.. أعداد لا تحصى من أنواع النباتات، وأشجار البلوط شاهقة الارتفاع وحتى الزهور البرية الرقيقة، علاوة على حيوانات مهددة بالانقراض، في سلسلة متناغمة للغاية يعتمد فيها كل كائن حي على الآخر في بقائه على قيد الحياة.
شاهدنا مدى فرحة السيد توماس فولبيرس وهو يشرح لنا عودة ظهور كائنات، نباتية وحيوانية، في هذه الغابة بعد أن ظلت لسنوات طويلة غائبة، وكيف أن السلطات هناك قررت، وبدعم من السكان والمزارعين المحليين، الحفاظ على هذه الغابة الممتدة لمساحات شاسعة بدون أي تدخل بشري، بل عدم قطع أي شجرة منها أوغصن أو زهرة، ولا حتى رفع الميت منها.. أي تظل الطبيعة تأخذ مجراها. بإمكان كل سائح وزائر القيام بمثل هذه الجولة للاستمتاع بروعة وسحر الغابة، علاوة على الاستفادة من الجولات البحثية والتعليمية التي يوفرها الكادر المسؤول عن هذه الغابة.
Okowerk.. محمية طبيعية في موقع صناعي
كيف يمكن أن تحول مصنعاً قديماً إلى محمية طبيعية؟ هذا ما فعلته ألمانيا في وسط برلين، وبالتحديد في محمية Okowerk. حينما دخلنا إلى هذا المكان كانت المدخنة العالية والمبنى القديم لا يوحيان إطلاقا بأننا سنشاهد محمية، فزادت لهفتنا لمعرفة ما يجري بالضبط. تبين أن هذه المحمية بنيت حول محطة مائية يعود تاريخها إلى عام 1872، ولا تزال بإمكانك مشاهدة الآلات الضخمة والخزانات وأجهزة القياس القديمة للغاية موجودة حتى يومنا الحاضر، وتحولت إلى قاعة معارض ومؤتمرات ومركز ندوات.
هذا المكان عبارة عن جنة طبيعية على مساحة 2.8 هكتار تحتوي على العديد من مواطن الحيوانات والنباتات والحشرات، يسمع فيها السياح والزوار من العائلات وأطفالهم نعيق الضفادع وأزيز اليعاسيب في برك منتشرة هنا وهناك، ويشاهدون الغزلان تتقافز برشاقة تحت خيوط أشعة الشمس، وتجر الثعالب نفسها مختبئة في هذه الزاوية أو تلك ولا تترك سوى لمحة من أثرها. هنا يتعلم الزوار، من خلال لوحات إرشادية، الكثير عن هذه البيئة الحيوية وسكانها، إضافة إلى أنواع النباتات المتكاثرة والخضراوات الصالحة للأكل التي تزرع في عدة أماكن ثم مناطق الأزهار التي تجذب أكثر من 120 نوعاً من النحل البري، علاوة على السباحة في بركتها الشهيرة التي يقبل عليها الأفراد والعائلات. هذا الجمال الأخاذ نسجته بدائع الطبيعة ورعته أنامل تحرص على استدامة التنوع البيئي، فبات من يدخل المحمية كأنه وسط لوحة تأخذ الألباب وتبهر العيون وسط ألوان تتراقص أطيافها وظلالها بإيقاعات تجعلك تستغرق في متاهات الراحة النفسية، جولة تنزع عنك كل الهموم وتبث السكينة والاسترخاء وتكتب فصولاً من علاقة الملاذ الآمن المتبادل بين البشر والطبيعة.
عندما تكون الاستدامة في.. مقبرة
واحدة من أغرب الزيارات التي قمنا بها في برلين، ربما بالنسبة لنا على الأقل، هي تلك التي قادتنا إلى مقبرة سانت جاكوبي. ولكن ما علاقة الاستدامة بالمقبرة؟ هذا ما سألناه لأنفسنا، وسرعان ما تبددت دهشتنا عند دخولنا إلى المقبرة واستمعنا إلى المشروع الواعد المقام هناك. باختصار شديد، لم يعد هناك الكثير من العائلات تدفن موتاها في هذه المدينة، وتراجعت أعداد المنتمين إلى الكنائس هناك، فظلت مساحات واسعة منها مأهولة بالأشجار المعمرة والنباتات والطيور والأزهار الرائعة، كأنك داخل غابة طبيعية رائعة الجمال، خالية من المقابر.
وهنا خطرت على بال روبرت شو، رائد البستنة الحضرية وأحد مؤسسي مشروع واعد في هذا المجال، أن ينقل الحديقة الحضرية إلى هذه المقبرة تعزيزاً للاستدامة وإحياء مساحات خضراء ينتفع منها المجتمع والمدينة. استوحى هذه الفكرة من خلال إقامته في كوبا، حينما كانت تحت الحصار الأمريكي، ولم يكن هناك من أمل سوى اعتماد الناس على أنفسهم في الحصول على المنتجات الزراعية، حيث لم يتبق آنذاك سوى ثلاث مناطق متاحة للزراعة، أسطح المنازل، وهي صعب الوصول إليها، والحدائق العامة، وتتطلب موافقات رسمية، و.. المقابر. إذ حتى لو لم يكن هناك مجال للدفن أو نية للدفن، تظل هناك حاجة للاعتناء بالمقبرة ومساحاتها الخضراء ونباتاتها.
المشروع في مقبرة سانت جاكوبي جذب العديد من سكان المنطقة، يحملون مجارفهم ويعتنون بزرعهم ويجلسون يستمتعون بالشمس والخضرة، الكل يتطوع للاعتناء بهذا المكان البديع. ليس الأمر مرتبطاً بالمال على الإطلاق، فالحديقة تمول نفسها ذاتياً من خلال المطعم الموجود في المدخل والأعمال الاستشارية. وللحديقة أهداف أخرى يمكن ملاحظتها ومعرفتها عن طريق رؤية الناس وهم يتناقشون عن الزراعة وأهميتها، وتلاميذ المدارس وطلابها وهم يتدفقون إلى المكان ليعتنوا بمحاصيلهم التي يزرعونها ويأتون بين الحين والآخر لتفقدها، والأجواء الحالمة التي ينغمس فيها كل زائر لهذا المكان على وقع أصوات زقزقة العصافير وتغريدات الطيور والشعور بنسيم الهواء العليل وهو يغسل النفوس وعبير الأزهار وهي تنعش الروح، ومشهد خلايا النحل التي تعتبر جزءاً مهماً من الحديقة. هنا، ستكون أمام تناقض عجيب.. بين موت ترمز إليه شواهد القبور، وحياة تنمو وتزدهر وتتلون بألوان الطبيعة، ولكن هذه الحديقة تقدم لنا درساً مهماً يجب ألا ننساه، وهو: استمتع بالحياة ما دمت على قيد الحياة.
المطاعم المستدامة.. نحن نزرع وأنت تأكل في Botanico
عندما أخبرنا دليلنا السياحي أننا سنتوجه إلى مطعم مستدام، لم نتوقع على الإطلاق ما رأيناه بأم أعيينا. في البداية دهشة سلبية ثم تحولت إلى إعجاب منقطع النظير. كيف؟ نزلنا في أحد أحياء برلين المكتظة بالحياة ثم توجهنا مشياً على الأقدام إلى حي مجاور ولكنه هذه المرة سكني، ثم قيل لنا وصلنا إلى المطعم. ما هذا؟ باب صغير وضيق للغاية لا يكاد يكفي شخص واحد لدخولها، تساءلنا لم هذا المكان بالذات؟ لم كل هذا العناء كي نصل إلى هنا؟ ولكن المفاجأة التي ستجعلنا نندم على هذه الأسئلة هي ما وجدناه في الداخل.
نحن في مطعم Botanico الذي يجسد مبادئ الاستدامة والانسجام مع الطبيعة، يتميز بمفهوم فريد من نوعه، ديكوراته تعكس هذه الفرادة والتناغم كونها تتألف من خشب وحجر، وكل شيء من حولك ينعش ذاكرتك بمدى أهمية الطبيعة. الفرادة التي يتميز بها هذا المطعم ربما تجد شبيهاً لها في مطاعم أخرى في برلين، وهذا شيء رائع للغاية، فبإمكانك العثور في الإنترنت على سلسلة من المطاعم التي تطبق مبدأ الاستدامة في ألمانيا لتختار منها قضاء وقت ممتع للغاية سينقش في ذاكرتك بالتأكيد.
الابتسامة والترحيب التي قوبلنا بهما في Botanico كانا أمراً مدهشاً وأضفى بعداً لطيفاً للغاية للأجواء هناك. ولكن المفاجأة الكبيرة التي أشرنا إليها هي في حديقة المطعم، المخصصة ليس لتناول الطعام فيها وسط الزهور والأشجار والأعشاب فحسب، بل تبين، من خلال جولة صاحب المطعم والتفاصيل التي شرحها لنا، أن هذه الحديقة هي مصدر الأعشاب والخضروات والتوابل التي يعد شيف المطعم ومعاونوه منها الأطباق الشهية التي يقدمونها.. في كل صباح يقطف هذا الرجل مجموعة منها ويرسلها إلى المطبخ.
الأطباق الطازجة في قائمة الطعام هنا نباتية وتبرز التنوع البيئي في هذا المكان، والمثير أيضاً أنها تعد بطرق شهية للغاية بحيث إنك تتمنى ألا تتوقف عن الأكل بعد أن يتحول تناول الطعام هنا إلى متعة وانطلاقة في عالم من النكهات والصلصات والحلويات المعدة من محاصيل الحديقة والمقدمة بأشكال جميلة للغاية تظهر مدى الجهد المبذول في إعدادها. ولا ننسى بالطبع خلايا النحل في أحد أركان هذه الحديقة التي تستمد غذاءها من زهورها.
مكان مثالي لمحبي الطبيعة وعشاق الطعام النباتي، تناغم يسر الروح ويفتح النفس ويجعلك في تواصل مباشر مع البيئة.