بدأ موسم العطلات والإجازات الصيفية، لتسعى الأسر إلى وضع الخطط التي تلبي رغبات أفرادها في قضاء وقت مملوء بالمتعة والإثارة والمرح، فهناك من يشد الرحال للقيام برحلات خارجية، وهناك من يرتب لوجهات قاصداً بها الأماكن السياحية بالدولة، وآخرون لا تسعفهم الظروف للقيام بذلك كله، ليكون المنزل هو الملاذ الوحيد، وهو ما جعلنا نبحث عن أفكار نقدمها لتلك الأسر لجعل البيوت بيئة جاذبة لها ولأبنائها من جميع المراحل العمرية.
في السطور التالية نستعرض آراء بعض المختصين في مجالات مختلفة، ليقدموا بعض النصائح والمقترحات التي تجعل من البيوت ساحات ملأى بالمرح، وفي نفس الوقت بيئة آمنة للصغار منهم.
المهندسة بشاير المنصوري مدربة في تطوير الذات، تقول "علينا جعل منازلنا بيئة جاذبة تبدو وكأنها وجهة لعطلة صيفية، خاصة لمن حالت ظروفه دون القيام برحلات سياحية خارج الدولة، فهناك العديد من الطرق التي يمكن اتباعها في ديكور المنزل لجلب الفرح والسعادة والبهجة، مثل استبدال ألوان الجدران الداكنة بأخرى فاتحة وحيادية تجعل المساحة أكبر، وهي حيلة مناسبة لمن يسكنون الشقق محدودة المساحة، ناهيك عما تفعله الإضاءة من لمسات جاذبة ملأى بالبهجة والمرح، ولإضفاء مزيد من السعادة على قلوب الأبناء يمكن تجميل غرفهم باختيار أنماط ديكور مناسبة للأجواء الصيفية كاعتماد ديكور النمط الاستوائي المتأصل بالطبيعة ومزجه ببعض النباتات مع إضافة اللوحات الفنية مثل رسومات للأوراق الخضراء وغيرها، كما يمكن كذلك اختيار النمط الساحلي كونه يضيف للمكان جماليات مرتبطة بالبحر وذلك عن طريق إضافة بعض الأصداف أو الأثاث والأكسسوارات البيضاء".
وتردف المنصوري "الأطفال الصغار لهم احتياجات خاصة لابد من إشباعها بالشكل المناسب لهم، فالصغير لا يسعده سوى الشيء الذي يلامس يده وعلينا الانتباه لذلك، بتخصيص مكان بغرفته للعب مثلاً، ويكفي الحفاظ على ديكور بسيط يتيح له التحرك في غرفته بسهولة، ويمكن إضافة بعض الأدوات مثل سبورة الجدار التي بإمكان الطفل كتابة جملة تشجيعية كل يوم أو كتابة ما يود التعبير عنه، ويمكن تخصيص منطقة للرسم والتلوين فذلك يساعد على النمو العقلي للطفل، ولا ننسى حاجته للنمو البدني فيمكن شراء أثاث يضيف المرح له مثل أرجوحة أو لعبة تسلق لتفريغ الطاقات خلال اليوم، مع عدم إهمال سؤال الطفل عن لونه المفضل وجلب قطعة فنية أو شراشف بهذا اللون".
أعيدوا ترتيب الأثاث وأضيفوا بعض القطع الجديدة
وتكمل بشاير المنصوري "تزيين فناء البيت مهم في فترة الصيف، فبعد التأكد أولاً من توافر الخصوصية يمكن تخصيص منطقة لأنشطة تناسب أفراد الأسرة، مثل منطقة للألعاب الهوائية التي تجذب أطفال العائلة وأصدقاءهم، كما يمكن تخصيص منطقة لتناول طعام العشاء في الفناء الخارجي عندما يكون الطقس غير حار، وتوفير جلسة تتضمن طاولة طعام، أما ساكنو الشقق أو المنازل الصغيرة فيمكنهم إعادة ترتيب الأثاث أو إضافة قطع جديدة تضفي مظهراً جديداً للمنزل، بجانب مشاركة الآباء أبناءهم بعض الهوايات مثل الرسم واختيار قطعة أثاث في المنزل يتسابق الجميع لرسمها، ومن ثم تزيين المنزل بأفضل عمل فني، كما يمكن مشاركة الأبناء مشاهدة الأفلام وإذا توافرت الإمكانات والمساحة فيمكن عمل غرفة مجهزة بشاشات عرض تجذب الجميع لقضاء بعض الوقت في مشاهدة الأفلام سوياً، وغيرها من الأنشطة المشتركة التي تخلق ذكريات لا تنسى مرتبطة بأحداث مختلفة وقعت في نطاق المنزل".
يشاركنا المهندس محمد كساب، مدير شركة ميتال للديكور، بعض المقترحات، ويوضح "إرضاء الجيل الحالي صعب بعض الشيء، فهم يكتفون بعالمهم الخاص المرتبط بالتقنيات الحديثة والتطبيقات المختلفة، ودائماً ما يبحث الأهل عن أي فرصة لخروجهم من هذا العالم الذي يعتبرونه سارقاً لأوقات وأعمار أبنائهم، وبمجرد أن ينتهي العام الدراسي تبدأ الأسر بالتفكير في كسر الروتين المعتاد بعمل رحلات سواء كانت داخل أو خارج الدولة، إلا أنه في أحيان كثيرة قد تفشل في تحقيق ذلك لظروف معينة، لتكون النتيجة مزيداً من تقوقع الأبناء داخل هذا العالم المخيف، وهنا يأتي دور الأهل في العمل على إضافة مساحات لاجتماع الأسرة تكون جاذبة للجيل الجديد، فلدينا كثير من الأفكار التي طبقناها داخل بيوت عملائنا فهناك من طلب إنشاء صالة للألعاب الرياضية تلبية لرغبات أبنائه الذكور، وهناك من أصر على إقامة صالة للألعاب الترفيهية بناء على طلب أطفاله، ناهيك عن زيادة الطلب مع بداية فصل الصيف بحفر المسابح حتى ولو كانت محدودة المساحة وهي من أكثر الأشياء التي تطلبها الأسر في حدائق المنازل، وهناك من يعززها بالألعاب المائية، وأتذكر عميلاً طلب تخصيص غرفة بها شاشة تلفزيونية كبيرة ليجتمع فيها أفراد أسرته لمشاهدة البرامج والأفلام المختلفة رغبة منه في خلق أجواء عائلية لتبادل الحديث وتناول الطعام، وغيرها من الأفكار التي يمكن أن تجعل البيوت ملاذاً جاذباً ومريحاً".
الشيف باديا تشارك طفلة تحضير الطعام
كما تشارك الشيف باديا خيرالدين برأيها في جعل المطبخ بيئة جاذبة للأبناء يشاركون فيه الأم بعض المهام التي تسهم في خلق جو من المتعة والمرح، وتعلق "بداية لابد أن يعي الأهل لتقلبات مزاج الأبناء خاصة في سن المراهقة، فهم في هذه المرحلة يكونون سريعي الملل والغضب والانفعالات، يتطلب ذلك بذل مزيد من الجهد لإرضائهم، فعندما يقرر قطبا الأسرة انقضاء الإجازة الصيفية دون سفر، فعليهما أن يهيئا الأجواء التي تشبع الاحتياجات النفسية لأبنائهما، مع مراعاة الاختلافات المتعلقة بالمراحل العمرية، وعندما نستعرض المقترحات الخاصة بجعل البيت بيئة جاذبة للأبناء لابد من عدم تغافل دور المطبخ في إدخال البهجة والسرور خاصة عندما يأكل أفراد الأسرة من يد ما أعده أحدهم، فالمطبخ ساحة لقضاء وقت ممتع لإعداد الطعام بصحبة الأم، فعلى سبيل المثال يمكن أن يخصص لكل فرد طبق يصنعه ويسمى باسمه، وهنا يلزم على الأم أن تكون صبورة ولا تبدي انزعاجها، فالهدف هو إخراج الطاقة التي بداخل أبنائها وتوجيهها لسلوك حسن يكسر الشعور بالملل، كما يمكن الترتيب لزيارات الأهل وحمل بعض الأطباق التي أعدها الأبناء في محاولة لتعزيز إنجازاتهم وتسليط الآخرين الضوء عليها، بجانب التجهيز لزيارة بعض الأماكن أو المزارات التي يختارها الأبناء وترك المجال لتحضير الأكلات التي يصنعونها بأيديهم".
وتواصل "تقسيم المهام بين الأبناء وترك مساحة لاختيارهم تحضير ما يحبونه من أكلات يعزز من ثقتهم بأنفسهم، خاصة إذا وجد استحساناً من قبل الوالدين، فهذا يشعر خاصة الصغار بأنهم أعضاء فاعلين داخل الأسرة لهم دور فيها وليس مجرد أفراد يتلقون الأوامر والتعليمات فقط، وعلى الأم إذا ما شعرت بأن هناك من لا يرغب في القيام بمهمة ما أن تجعلها جماعية يتشارك فيها أكثر من أخ وأخت، فهذا يعطي المجال لإدخال السرور في قلوبهم كون العمل الجماعي يحمل كثيراً من التقارب والتواصل البناء، وفي حال كان هناك أصدقاء للأبناء في البيت فممكن أن تدعو الأم هؤلاء لأن يشاركوها إعداد وجبة ما رغبوا في تناولها، فهذا يساعد على نشر الروح الأسرية عند الغير، وبالتالي تعم الفائدة لأسرة أخرى عندما يخبرها ابنها ماذا فعل في بيت صديقه وكيف كانت الأجواء ملأى بالمرح والسعادة، فتطبق الفكرة ويتشاركون هم أيضاً الأحداث والمواقف".
من جهتها ، تؤكد الدكتورة نورة ناصر الكربي، أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع في جامعة الشارقة، "دائماً يتم التساؤل حول كيفية قضاء الإجازة الصيفية للأبناء وهو سؤال صعب في ظل واقعنا الملموس، الذي فرض ارتباطهم طوال العام الدراسي بعالم الإلكترونيات الذي تعتمد عليه العملية التعليمية بشكل كبير، لذا فإن دور الأسرة في حياة الأبناء مهم خاصة وقت الإجازة الصيفية، إذ يمكن أن توفر بيئة آمنة وداعمة لأبنائها ليتعلموا ويتطوروا وهو ما يحتم عليها إشراكهم في البرامج التي ستخطط لهم في الإجازة، والاستماع إلى مقترحاتهم وإعطاءهم الفرصة للتعبير عن آرائهم حول ميولهم للأنشطة التي سوف يفضلون ممارستها بالصيف، لذا يمكن مشاركتهم وطرح مقترحات حول تخطيط رحلة بنفس المدينة إلى الشواطئ أو الحدائق أو المنتزهات، والاستمتاع بالأنشطة الخارجية مثل السباحة وركوب الدراجات والمشي، كما يمكن طرح مقترح لهم حول التخطيط للتطوع في الأعمال الخيرية، أو الانضمام إلى دورات تدريبية أو دورات تعليمية خاصة بمواهبهم، أو الانخراط في أنشطة الهواية التي يحبونها".
يمكن للأسرة تجربة العديد من الأنشطة الممتعة كالألعاب الجماعية والتي تزيد من الترابط والتجانس بين أفرادها
وتتابع دكتورة الكربي "إذا أردنا تخطيط برنامج ترفيهي بالمنزل، يمكن تجربة العديد من الأنشطة الممتعة مثل، الألعاب الجماعية والحرف اليدوية والاستماع إلى الموسيقى ومشاهدة الأفلام، وتنظيم المسابقات والرسم، والمشاركة في رياضة ما، ويمكن تعلم الطبخ ومساعدة الأم في بعض الأعمال المنزلية، كما يمكن للأب أن يشارك أبناءه في زراعة بعض الخضراوات التي يحتاجها المطبخ بصفة يومية والفواكه التي يحبها الصغار، وكلها أمور تزيد من تنمية مهارات الأبناء الفكرية والحسية والنفسية والجسدية والسلوكية وحتى الصحية، والأهم من ذلك هو استكشاف العديد من الأنشطة الممتعة المشتركة بين أفراد الأسرة والتي تزيد من الترابط والتجانس بينهم وتسهم في تنشئة جيل لديه قدرة على التواصل الجماعي".