لا تتوقف الأبراج عند البعض عند كونها وسيلة للتسلية لتكون طقساً من طقوس يومهم تأخذ جزءاً كبيراً من تفكيرهم ووقتهم وتصل بهم إلى مرحلة «الهوس» يسقطون جميع ما يذكر فيها على حياتهم وعلاقاتهم وحياتهم الاجتماعية بعد أن أحكم عليهم الفضول والقلق، فتنعكس على حالتهم النفسية وتؤثر في حياتهم وتصبح البوصلة المسؤولة عن تحديد تحركاتهم ودستورهم في بناء علاقات وهدم أخرى ضاربين بذلك مقولة «كذب المنجمون ولو صدقوا» عرض الحائط.
كل الأسرة تستطلع مجموعة من الآراء حول الهوس بالأبراج:
عدم توافق بعض الأبراج حقيقة تلمستها لذلك أتجنب بعض الأبراج كالعقرب والجوزاء التي لا تتوافق مع شخصيتي
لا ينفك الشاب سمير كلور مشاركة هواية متابعة الأبراج وما يطرأ عليها مع والدته التي هي الأخرى بدورها ترسل له كل ما تقرأه من صفحات مطبوعة أو إلكترونية وما تشاهده من برامج ومقاطع فيديو عن الأبراج أثناء وقت فراغها.
شغف سمير بالأبراج جعله متابعاً لكل ما يتوقع لها المنجمون في كل عام «تفاءلت في هذا العام بتوقعات المنجمين لكن لم يحدث شيء إلى الآن».
يذكر كلور أن صفات البرج المتوافق مع تاريخ ميلاده هي ذات الصفات التي يتمتع بها من هدوء ورومانسية وإحساس مرهف وحب الخير للآخرين، ولا ينكر مآخذه على بعض الأبراج «عدم توافق بعض الأبراج حقيقة تلمستها لذلك أتجنب بعض الأبراج كالعقرب والجوزاء التي لا تتوافق مع شخصيتي».
يكمل «حقيقةً أؤمن بأن كل شيء في الكون يسري بأمر الله وما يحدث من تطابق فيما تطرحه الأبراج وما يحدث في حياتنا ما هو إلا نتيجة جذب عقلنا الباطن لها».
للأسف هناك من يصدق ويؤمن بالطالع بل ويتجاوز الأمر ذلك ويتحول لإدمان فلا يمكنهم تخيل يومهم دون قراءتها وتطبيق المكتوب على أرض الواقع
توضح ريهام أحمد بداية علاقتها مع عالم الأبراج، قائلة «بدأت حكايتي مع قراءة الأبراج عند دخولي مجال العمل وتكوين صداقات جديدة مع زميلات العمل، حيث اعتدنا استغلال فترة الصباح الباكر في تناول القهوة وقراءة الفنجان وطالع الأبراج من باب الترفيه حتى صار الأمر تقريباً شبه روتين يومي».
تستغرب هوس البعض بالأخذ بما يطرحه المنجمون من تصورات واعتقادات عارية عن الصحة «للأسف هناك من يصدق ويؤمن بالطالع بل ويتجاوز الأمر ذلك ويتحول لإدمان فلا يمكنهم تخيل يومهم دون قراءتها وتطبيق المكتوب على أرض الواقع وربطها بجميع جوانب الحياة من عمل وصحة وعلاقات اجتماعية وعاطفية، حتى صار البعض يقطع علاقته بالآخرين لمجرد معرفته بأن برجيهما لا يتطابقان»
تضيف «الأبراج محظ خرافات وإن حدث بالصدفة تطابق بين المتوقع اليومي لصاحب برج معين مع أحداث يومه فهذا لا يعني الإيمان به فكل شيء عائد لإرادة الله وهو من يعلم الغيب، لكن ذلك لا يمنع قراءتها لكن يجب عدم تصديقها كي لا يقع في مسألة الشرك بالله».
كنت أصدق جميع تفاصيل صفحة «حظك اليوم» المعنية بقراءة الأبراج قبل أن أتوقف عن قراءتها بسبب تأثيرها في حياتي
لعبت الصدفة دوراً في علاقة حمدي عناني مع الأبراج، يشرح «معرفتي بتوافق برجي مع برج مصارع برنامج دبليو دبليو ايه wwe بينما كان يحتفل بذكرى ميلاده أشعرني بفرحة كبيرة زادتها معرفتي بأنه برج للكثير من الشخصيات المشهورة والمؤثرة مثل وليام شكسبير والملكة إليزابيث إلى جانب المصارع جون سينا، فترك ذلك أثراً كبيراً في حياتي لدرجة أنني كنت أصدق جميع تفاصيل صفحة «حظك اليوم» المعنية بقراءة الأبراج قبل أن أتوقف عن قراءتها بسبب تأثيرها في حياتي».
يكمل عناني «لا أنكر بأن تشابه صفات برج الثور للرجال مع صفاتي الشخصية أحد الأسباب التي جعلتني أؤمن بها لكنني في نفس الوقت لا أعتمدها في قياس علاقتي بالآخرين وهي بالنسبة لي من الأمور الثانوية خصوصاً أن بعض أصدقائي لا تتوافق أبراجهم مع برجي فلكياً بينما تجمعنا علاقة صداقة متينة بشكل كبير في الحياة الواقعية».
التحليل العلمي لظاهرة الهوس بالأبراج الفلكية
ترى الدكتورة إسعاف حمد، أستاذ قسم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية- جامعة الشارقة، أن «ظاهرة الأبراج الفلكية و«ثقافة الوهم» السائدة يتم إنتاجها وتسويقها عبر وسائل إعلامية متعددة بدافع تجاري ومادي بحت، فلا وجود لأي دليل علمي أو منطقي يثبت وجود علاقة بين موقع الكواكب في وقت معين، وشخصية وتصرفات ومستقبل شخص ولد في هذا التوقيت».
توضح حمد «تتكهن الأبراج بالمستقبل والأحداث التي يمكن أن تحدث مع متتبعيها، لذلك يلجأ الكثيرون إلى قراءتها والاستماع إليها والامتثال لنصائحها، فالإنسان منذ أن وجد على هذه الأرض يخشى الفشل والموت والمجهول، وهو خوف أزلي يتفرع عنه قلق تصاحبه رغبة شديدة في معرفة ما يخبئه له الغد لمحاولة تفادي مصير سيئ، فتعزف الأبراج على وتر خوف الإنسان من المستقبل الموجود عند الجميع بدرجات متفاوتة».
أنواع المهتمين بالأبراج
تشير الدكتورة إسعاف حمد لنوعية الأشخاص المهتمين بالأبراج «أغلبية الفئات التي تتابع الأبراج باهتمام كبير أو مبالغ فيه هي شخصيات تعاني الاضطراب والقلق وتمر بأزمات ومشكلات مختلفة، حيث يدفع الفضول المعرفي للإنسان الذي يعاني القلق اللجوء إلى الأبراج لتخفيف القلق وبذلك يكون للأبراج وظيفة تحقيق الرغبات المكبوتة».
تأثير التعلق بالأبراج في العلاقات الاجتماعية
توضح تأثيراتها في السلوكيات والعلاقات الاجتماعية «إذا كانت متابعتها بدافع التسلية لا ضير في ذلك، لكن أن يتجاوز الأمر التسلية ويصل إلى الهوس والإدمان فهنا تكمن الطامة الكبرى لأنهم سيصبحون أسرى وسجناء لها، وستصبح بالنسبة لمدمنيها البوصلة المسؤولة عن تحديد تحركاتهم وعلاقاتهم ومصيرهم».
وتكشف «هناك العديد من الأشخاص الذين فسخوا خطوبتهم لأن أحدهم (لا يتوافق برجه) مع الآخر، وهناك عشرات الزوجات اللواتي يملأ الشك قلوبهن وتطغى الخلافات الزوجية على حياتهن لأن (الأبراج تقول) إن البرج الذي ينتمي إليه الزوج من سماته عدم الإخلاص، ونجد بالمقابل بعض الأشخاص الذين يمتنعون عن الذهاب إلى العمل أو السفر في يوم محدد لأن (الفلك) يحذرهم من مكروه قد يصيبهم في حال قيامهم بذلك، كما نسمع عن أشخاص قطعوا صداقتهم مع بعضهم لأن الأبراج أخبرتهم بأن هؤلاء الأصدقاء حسودون وغيورون لأنهم ينتمون إلى برج معين والنتيجة المترتبة على ما تقوله الأبراج المزيد من التوتر والخلل في العلاقات الاجتماعية بمختلف مجالاتها».
اقرأ أيضًا: شاشات تروج للدجل والشعوذة بحجة «فك السحر وجلب الحبيب»
هل تؤمن بالأبراج الفلكية؟