بينما تسير في أحد الطرق الثلاثة الضيقة المؤدية إلى ساحة تريفي الشهيرة في مدينة روما، ستجد في استقبالك - عند وصولك إلى الساحة - أروع وأكبر نافورة في إيطاليا بأسرها، وإحدى أجمل نوافير العالم، بل ربما تكون الأجمل على الإطلاق. إنها نافورة تريفي ، أو بالإيطالية "فونتانا دي تريفي"، والتي تقع في قلب مدينة روما التاريخية وتضم مجموعة من أكثر التماثيل الرخامية إبهاراً في العالم، وتُعد أحد المعالم السياحية التي ينبغي على أي شخص يزور روما ألا يفوت مشاهدتها.
تقول الأسطورة إن من يرمي عملةً معدنية في مياه هذه النافورة تتحقق أمنيته ولابد وأن يعود مرةً أخرى لروما! فما هي قصة هذه النافورة الشهيرة التي تأسر السياح بجمالها الأخاذ وتُعتبر من أهم معالم روما السياحية؟ تعرفوا إليها معنا.
القصة وراء بناء النافورة
بدأت قصة نافورة تريفي في القرن الـ 17 عندما قام البابا أوربان الثامن بتكليف النحات الشهير بيرنيني ببناء نافورة ليس لها مثيل في العالم كله، إلا أن البابا توفي قبل الانتهاء من تصميم النافورة، ولم يكتمل المشروع. بعد قرنٍ كامل، وتحديداً في عام 1732، تم الإعلان عن مسابقة لتصميم نافورة تُزين ساحة تريفي، التي تعتبر واحدة من أهم الساحات في مدينة روما. وبالفعل تقدم عدد من المهندسين بتصميماتهم، وفاز التصميم الذي قدمه نيكولا سالفي ليقوم بعدها بالبدء في تنفيذ المشروع.
استغرق بناء النافورة 30 عاماً
استغرق بناء نافورة تريفي 30 عاماً كاملاً، ولسوء الحظ لم يتسنَ لسالفي أن يرى تصميمه العبقري على أرض الواقع، حيث وافته المنية عام 1751 قبل أن يكتمل بناء النافورة. بعد وفاة سالفي تم تكليف جيوسيبي بانيني بالإشراف على المشروع، وقد قام بانيني ببعض التعديلات البسيطة على التصميم الأصلي، ونجح في إنهاء عملية البناء بحلول عام 1762.
تعد ثالث أكبر نوافير العالم
يبلغ ارتفاع نافورة تريفي العملاقة حوالي 26 متراً، بينما يبلغ عرضها نحو 49 متراً، ويوجد في وسطها تمثال "أوشيانوس" الذي قام بنحته المثّال البارع بيترو براتشي، والذي يتجسد واقفاً فوق عربة ضخمة تسحبها الخيول ويرافقه "ترايتون" ملك البحار في الأساطير الإغريقية. كما تتزين النافورة بعدد كبير من التماثيل الأخرى ذات الأهمية في الأساطير الرومانية مثل التماثيل التي ترمز إلى الوفرة والصحة.
أسطورة رمي النقود بنافورة تريفي
تزعم الأسطورة أنه إذا أراد شخص أن تتحقق أمنيةٌ له، عليه أن يُلقي بقطعة نقدية من فوق كتفه اليسرى باستخدام يده اليمنى. وفي المتوسط يتم إلقاء ما يقدر بنحو 3000 يورو في نافورة تريفي كل يوم! وفي عام 2016 وحده، تم إلقاء نحو 1.4 مليون يورو (أي ما يعادل 1.6 مليون دولار أمريكي) في النافورة. ومن الجدير بالذكر أن بلدية روما قد قررت استخدام هذه الأموال لإنشاء سوبر ماركت خاص لدعم المحتاجين في روما. ومن المعروف أن هناك دوماً محاولات متكررة لسرقة القطع النقدية من النافورة، وبالفعل يتم إلقاء القبض على العديد من الأشخاص الذين يحاولون القيام بذلك بين حينٍ وآخر.
جددت FENDI النافورة بعد 250 عاماً من بنائها
عرض أزياء Fendi أمام نافورة فونتانا دي تريفي
بما أن نافورة تريفي تعد واحدة من أقدم النوافير في العالم حيث مضى على بنائها أكثر من 250 عاماً، قامت الحكومة الإيطالية بتجديدها لأول مرة في عام 1988، وذلك لعلاج تغيُر لونها والشقوق التي أصابتها بسبب العوامل المناخية والتلوث. كما قامت بتنظيفها وصيانتها مرة أخرى عام 1998، مستعينةً بأمهر الحرفيين الإيطاليين.
وفي يناير 2013، أعلنت دار أزياء FENDI الإيطالية الشهيرة رعايتها لمشروع ترميم شامل للنافورة على مدار 20 شهراً كاملاً وبتكلفة قدرها 2.2 مليون يورو، وهو مشروع الترميم الأضخم والأكثر شمولاً في تاريخ نافورة تريفي. وبالفعل، بدأت أعمال الترميم في يونيو 2014 واكتملت في نوفمبر 2015، وأعيد افتتاح النافورة باحتفال رسمي ضخم يوم 3 نوفمبر 2015.
والآن، وبعد 250 عاماً على بنائها، لا يزال السائحون يستمتعون بزيارة نافورة تريفي وإلقاء القطع النقدية فيها لعل أمنياتهم تتحقق ولعلهم يعودون يوماً ما لزيارة روما الساحرة.