29 يوليو 2020

د. حسن مدن يكتب: «ارجع يا زمان»

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

د. حسن مدن يكتب: «ارجع يا زمان»

في أغنيتها الجميلة: «فات الميعاد» تصدح السيدة أم كلثوم، بكلمات الشاعر مرسي عزيز جميل وألحان الموسيقار الكبير بليغ حمدي: «قول للزمان ارجع يازمان».
هل نعود حقاً لما مضى؟، أليس الزمن سائلاً، يتسرب من بين أيدينا، ومهما اجتاحنا الحنين إليه والرغبة في استعادته لن نفلح؟ نحن الآن في الحاضر، وذاهبون إلى المستقبل بمقدار ما سيعطينا الله من بقية في أعمارنا. أما تجاه الماضي فلا نملك سوى التذكر والحنين.

إحدى النساء الشابات، كما قرأت على أحد المواقع الإلكترونية، أطلقت صفحة على موقع «فيس بوك» لتجمع فيها زملاءها وأصدقاءها خلال المرحلة الابتدائية، وفي النتيجة، عثرت المرأة، وهي سيدة مصرية اسمها مروة، على 39 من أصل 50 فرداً كانوا زملاء صف لها بدءاً من مرحلة رياض الأطفال وحتى نهاية المرحلة الابتدائية، فرق بينهم الزمن والمصائر المختلفة، حيث أصبح لكل منهم حياته والتزاماته، ومنهم من بقي في مصر ومنهم من أخذته ظروف الحياة للعمل خارجها.

أكثر ما أسعد هذه المرأة هو «عثورها» على صديقة لها، هي أقرب زميلاتها إلى نفسها، التي زاملتها في المرحلة الابتدائية، حيث أخذت الأقدار هذه الصديقة للعيش في السعودية رفقة زوجها وأولادها. ليس الزمن وحده من باعد بين الصديقتين اللتين كانتا طفلتين، وإنما المكان أيضاً. وإذا كان بالإمكان التغلب على البعد المكاني جزئياً بلقاء فيزيائي بالوسع ترتيبه بين الصديقتين في أقرب فرصة تتاح لهما، فلا سبيل، أبداً، للتغلب على البعد الزمني.
كانت المرأة التي أطلقت صفحتها على «فيس بوك» لجمع شمل الأصدقاء والزملاء القدامى، مأخوذة بذكريات مرحلة تعدها الأجمل في حياتها، حيث كانت «علاقاتنا جميعاً ودية مليئة بالحب والثقة والصدق، علاقات قوية بلا مصالح وهو الأمر الذي لم أعثر عليه في المراحل اللاحقة من حياتي».

بالإضافة إلى الصديقة الغائبة في السعودية التي «عثرت» عليها مروة في العالم الافتراضي، فكما ذكرنا أعلاه استطاعت الوصول إلى نحو أربعين من أصل خمسين زميل وزميلة، واستعادت المجموعة صوراً «لم يطلع عليها أحد من قبل، وتذكارات لليوم الدراسي الأخير وبطاقات معايدة وشهادات تحصيل العلامات ودفاتر قديمة فضلاً عن صور للرحلات المدرسية والمدرسين الذين رحلوا عن عالمنا والذين انتقلوا إلى مدارس أخرى».
لكن من يعيد براءة الطفولة التي كان عليها أفراد المجموعة؟. من يعيد الأحلام الوردية التي ربما تكون الحياة قد طحنت الكثير منها. من يعيد لنا الزمن الذي فقدناه؟

 

مقالات ذات صلة