28 يوليو 2025

لماذا يضرب طفلك الصغير نفسه؟ وكيف توقفينه؟

محررة ومترجمة متعاونة

مجلة كل الأسرة

من السلوكات التي تُثير الذعر لدى الوالدين مشاهدة طفلهما الصغير وهو يضرب نفسه، وربما يضرب رأسه، مُسبباً لنفسه إصابات، في بعض الأحيان. ولكن لماذا يفعل هذا؟ وكيف يمكن إيقافه؟

قد يبدو هذا السلوك مُخيفاً، إلا أنه في الواقع جزء من مرحلة نمو الطفل؛ اعتبره طريقة يُعبّر بها طفلك عن مشاعره. في أغلب الأحيان، قد تلاحظ أن طفلك يُحاول القيام بمثل هذه الأفعال عندما يكون غاضباً، أو بحاجة إلى الاهتمام.

يُسمى هذا السلوك سلوك إيذاء النفس. وأشارت الدراسات إلى أن 15% من الأطفال الصغار يُظهرون سلوكات إيذاء النفس خلال سنواتهم الأولى. ولكن في بعض الأحيان، قد تؤدي سلوكات إيذاء النفس، المستمرة والمزمنة، إلى تأخر في النمو.

مجلة كل الأسرة

لماذا يضرب الطفل الصغير نفسه؟

خلال مرحلة الطفولة، يكون طفلك على دراية بمحيطه، ويبدأ باستكشاف العالم من حوله. كما يتعلم التعبير عن رغباته واحتياجاته بطرق مختلفة، مثل الإشارة، والبكاء، ونوبات الغضب، ومنها إيذاء نفسه. فالأطفال في هذا العمر يفتقرون إلى الأدوات اللازمة لإدارة مشاعرهم الجياشة، ويصبح إيذاء النفس منفذاً يعبّرون من خلاله عن إحباطهم، أو إرهاقهم. وبالنسبة إلى بعض الأطفال الصغار، قد يرتبط ضرب أنفسهم بالبحث عن مدخلات حسية عميقة (ضغط عميق)، لتهدئة أنفسهم.

وفي ما يلي الأسباب المحتملة لمثل هذه السلوكات:

1. الإحباط

قد لا يمتلك الأطفال الصغار القدرة الكاملة على تلبية احتياجاتهم، أو التعبير عن رغباتهم لفظياً. لذا، تسبب لهم هذه القيود والتحدّيات في فهم العالم الغضب، والإحباط، ما يؤدي إلى ضرب أنفسهم. وقد وجد باحثون من جامعة تورنتو، ومركز الإدمان والصحة النفسية هناك، أن الأطفال غالباً ما يُظهرون هذا السلوك عندما يكونون متعبين، أو وحيدين، أو منزعجين.

كتبت إحدى الأمهات من إنجلترا تشرح ما يحدث لابنتها التي كانت تضرب نفسها في صغرها، وتقول إنها كانت تبكي لجذب الانتباه، ثم تصغي. وإذا تجاهلنا بكاءها، تجرّب نوعا مختلفاً من البكاء. وقد تعضّ أيضاً لجذب الانتباه. فهل يُعدّ ضرب رأسها شكلاً جديداً من أشكال جذب الانتباه والتلاعب؟ تجيب الأم بأنها اعتبرت هذا علامة على إحباطها الشديد لعدم قدرتها على التعبير عن مشاعرها.

2. الحماس

الأطفال الصغار بطبيعتهم مفعمون بالحيوية، والفضول، وسهولة الانفعال. قد ترى طفلا صغيراً يصرخ، أو يرمي الأشياء عندما يكون متحمساً للغاية، لأن معرفتهم بكيفية التعبير عن أنفسهم محدودة. وبالتالي، فإن ضرب رؤوسهم قد يكون أيضاً تعبيراً عن الحماس. ربما يبدو الأمر خطراً، ولكن من الطبيعي أن يُعبّر الأطفال الصغار عن مشاعرهم القوية بطرق مختلفة. تُشبه هذه الأفعال طريقة تصفيق البالغين، أو قفزهم من شدّة الحماس. البالغون على دراية جيدة بالطرق التقليدية للتعبير عن الحماس، بينما الأطفال ليسوا كذلك، لذا فهم يفعلون ما يحلو لهم.

3. قلق الانفصال

يُعدّ الآباء ملاذاً آمناً للأطفال الصغار. يجدون الراحة في وجودهم، ويكتسبون الشجاعة لاستكشاف العالم من حولهم، بفضل ثقتهم الفطرية بوالديهم لحمايتهم. ومع ذلك، عندما يشعرون باقتراب الانفصال عن والديهم، يميل الأطفال الصغار إلى التعبير عن رفضهم بطرق متعدّدة، بما في ذلك إيذاء أنفسهم. قد ينطبق هذا أيضاً على تغييرات أخرى في روتينهم اليومي، حيث تمثل هذه التغييرات أحياناً تهديداً لمنطقة راحة الطفل، ما يسبب له القلق. في مثل هذه الحالات، يهدئ الأطفال الصغار أنفسهم بالطرق الوحيدة التي يعرفونها، وهي شد الشعر، أو ضرب أنفسهم.

4. السعي وراء الاهتمام

غالباً ما يتعلم الأطفال الصغار السلوكات التي تثير ردود فعل الوالدين. ويتجلى هذا بشكل خاص عندما يمنع الوالدان الطفل الصغير من فعل أي شيء يرغب فيه تقريباً. قد يصبح هذا الاهتمام السلبي من الوالدين في النهاية محور اهتمام الطفل الصغير. ونتيجة لذلك، قد يستخدمه كوسيلة لجذب انتباه الوالدين باستمرار. وقد يلجأون أيضاً إلى سلوك إيذاء النفس لجذب انتباه الوالدين. السلوك الذي ينتبه إليه الوالدان هو السلوك الذي يرونه أكثر.

5. تخفيف الألم

الأطفال الصغار عرضة للألم كجزء نشط من نموهم. قد يكون الألم ناتجاً عن التسنين، أو العدوى، أو الإصابات، ما يجعلهم غاضبين، أو سريعي الانفعال. إنهم غير مؤهلين للتواصل، أو التعامل مع ألمهم، وبالتالي، يجدون طرقاً أخرى لتشتيت انتباههم. وتشير الأدلة القصصية إلى أن الأطفال الصغار قد يضربون أنفسهم، أو يضربون رؤوسهم لتخفيف الألم. على سبيل المثال، إذا ضرب طفلكِ الصغير أحد جانبي رأسه، أو كليهما، أو شدّ أذنيه، فقد يكون ذلك علامة على التهاب في الأذن، وإذا ضرب نفسه، وعضّها، فقد يكون ذلك بسبب ألم التسنين.

كل سلوك يُعبّر عن شيء ما. قد يكون من الصعب رؤية طفلكِ يُضرب. ولكن انتبهي، ربما يصبح هذا السلوك عادة إذا لم يُوقف مبكراً. لذا، أنتِ بحاجة إلى خطة عمل لإدارة عدوانية طفلكِ الصغير ومنع نوبات إيذاء النفس المتعمد.

مجلة كل الأسرة

كيف تمنعين طفلكِ الصغير من ضرب نفسه؟

ضرب طفلكِ الصغير، أو الصراخ عليه، أو توبيخه طريقة غير فعالة لتأديبه، أو منعه من ضرب نفسه. قد يكون لها، أحياناً، تأثير عكسي في رغباتكِ، وينتهي به الأمر إلى زيادة سلوكه السلبي.. إليكِ بعض الطرق التي تجعل طفلك الصغير يلجأ إلى وسائل أكثر أماناً للتعبير عن رغباته:

1. تحديد السبب

الخطوة الأولى لوقف سلوك إيذاء النفس لدى طفلك الصغير هي تحديد السبب. بمجرّد معرفة السبب، يصبح التدخل سهلاً. على سبيل المثال، إذا كان السلوك نابعاً من حاجة أساسية، كالجوع أو قلّة النوم، فيمكن علاجه بسهولة بالطعام، أو القيلولة. وإذا كان الطفل يتصرف بدافع الوحدة، فإن تخصيص وقت جيد يومياً مع أحبائه سيكون مفيداً.

2. الانتظار حتى تزول المشاعر

احتضني طفلك بهدوء، وتمسكي به وهو يعبّر عن مشاعره. يمكنك منعه من ضرب نفسه بمسك قبضتيه، أو حمله بين ذراعيك، وتهدئته. يكمن السر هنا في توفير بيئة محبة ومريحة له، حتى يتمكن من التخلص من الغضب والإحباط. يمكنك أيضاً مساعدته على تحديد مشاعره.

3. التحدث إليه

ساعديه على تنظيم نفسه من خلال طمأنته بأنك متعاطفة معه. استخدمي كلمات مطمئنة، وطمئنيه بأن كل شيء سيكون على ما يرام. يمكنكِ أيضاً التركيز على سلوكاته الجيدة، ومحاولة فهم ما يزعجه. وإذا لم يهدأ، فأعطيه شيئاً ليمسكه، أو يضغط عليه، مثل لعبة ناعمة. فإذا لاحظتِ أن الضرب والعضّ ناتجان عن ألم التسنين، فأعطيه عضاضة عالية الجودة ليعضّها.

4. إعادة توجيه سلوكه

تأكدي من عدم الصراخ عليه، أو معاقبته على هذا السلوك، فقد يلفت انتباهه ويحفزه على تكراره. بدلاً من ذلك، ركّزي على أساليب تهدئة الطفل لنفسه، مثل تشتيت انتباهه عن طريق إعادة توجيه انتباهه نحو شيء مثير للاهتمام، أو إعطائه لعبته المفضلة، أو مواساته، أو اصطحابه في الهواء الطلق لفترة. ويُعد الجري، أو اللعب في الهواء الطلق طريقة ممتازة للأطفال الصغار لتفريغ طاقتهم الزائدة. قد يسمح لهم ذلك بإعادة تركيزهم على التواصل مع احتياجاتهم، والتعبير عن مشاعرهم بشكل أفضل.

5. استخدام الوسائل البصرية

قد يتواصل الأطفال بشكل أفضل عند تعليمهم استخدام الصور والرسوم البيانية. قدّمي أدوات بصرية مثل مخططات المشاعر، ولوحات التواصل، لمساعدة طفلكِ على إدراك مشاعره والتعبير عنها. تُظهر هذه الأدوات مشاعر مختلفة، ما يُساعد طفلك على التحكم في مشاعره. كما قد يُصبح الأطفال أكثر ميلاً لمشاركة مشاعرهم بدلاً من اللجوء إلى سلوكات إيذاء النفس. ويُمكن أن يكون هذا النهج فعالاً بشكل خاص للأطفال الصغار الذين يُعانون صعوبة في تنظيم مشاعرهم.

مراجعة سريعة

فهم أسباب ضرب الأطفال الصغار لأنفسهم قد يساعد الآباء، ومن يرعاهم، على اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة. يلجأ العديد من الأطفال الصغار إلى سلوكات إيذاء النفس التي قد تكون ناجمة عن الإحباط، أو الغضب، أو التعب، أو الملل. كما أن الوحدة، وقلّة الانتباه قد تُحفزان هز أو ضرب الرأس، وردود فعل مشابهة لدى الأطفال الصغار. وقد يفعل البعض ذلك أيضاً بدافع الإثارة، كما هو الحال مع التصفيق. ينبغي على الآباء طمأنة الطفل وتهيئة بيئة آمنة له لمنع إصابات الرأس، إذا اعتاد على ضرب رأسه. كما أن إيلاء الطفل مزيداً من الاهتمام قد يساعده على التغلب على سلوكات إيذاء نفسه.

اقرئي أيضاً: لماذا يعضّ طفلك؟ وماذا تفعل كي تمنعه؟