09 يوليو 2025

اكتشف الاكتئاب المقنّع عند المراهقين.. و7 استراتيجيات فعالة للتعامل معه

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

في ظل الواقع المتسارع الخطى الذي نعيشه، يكمن جانب خفي من واقع أبنائنا النفسي، حيث لا يعلم بعض الأهل عنه شيئاً. وفي الكثير من الحالات، قد يعاني المراهق بشكل خاص، الاكتئاب «غير المرئي»، إذا صحّ التعبير، أو «غير المفهوم» من قبل الأهل، ويتم تفسيره على أنّه «تمرد»، أو «عدوانية»، وربطه أحياناً، باستخدام الأجهزة الإلكترونية.

ولا بد من الأخذ في الاعتبار أن مرحلة المراهقة مرحلة حساسة وحيوية، في آن، تتشكّل فيها هوية المراهق، ويمرّ فيها بتغيّرات، جسمانية ونفسية، قد لا يكون مهيأ لها، أو غير واع بها. هنا يكمن دور الأهل في تعزيز الحوار معه، وإفساح المجال له للتعبير، أو حتى للغضب والتمرّد.

ترصد الدكتورة سوبيا نسيم، استشارية الطب النفسي للأطفال والمراهقين في مركز ميدكير الطبي -فرع جميرا، هذا الواقع بعلاماته الخفية، وإشاراته السلوكية، وتبيّن أولى الخطوات التي ينبغي للأهل الشك في أن أبناءهم يعانون الاكتئاب، مع تزويدنا باستراتيجيات للتعامل مع المشكلة:

هل يمكن أن يُصاب أطفالنا بالاكتئاب من دون أن نعلم أو نلاحظ؟

تقول د.نسيم: «نعم، يمكن أن يعاني الأطفال والمراهقون الاكتئاب من دون إظهار العلامات التقليدية التي قد يتوقعها الكثير من البالغين، مثل الحزن المستمر، أو الانعزال. ففي الواقع، قد يظهر الاكتئاب لدى الفئات الأصغر سناً في صورة تهيّج، أو تحدٍ، أو سلوكات قد يُساء تفسيرها على أنها سمات شخصية، أو تقلبات مزاجية. ويُعرف هذا النوع غالباً بالاكتئاب المقنّع، حيث يتم إخفاء الألم العاطفي خلف سلوكات ظاهرة ومتغيّرة».

مجلة كل الأسرة

ما أبرز علامات الاكتئاب الخفي لدى المراهقين؟

توضح: «الاكتئاب الخفي لا يتبع دائماً النمط الكلاسيكي المعروف. فبينما يتجلى الاكتئاب التقليدي، غالباً، في الحزن الواضح، أو التعب، أو فقدان الاهتمام بالأنشطة، فإن الاكتئاب الخفي قد يظهر من خلال:

  • تغيّرات في عادات الأكل أو النوم.
  • تراجع مفاجئ في الأداء الدراسي.
  • تقلّبات حادّة في المزاج.
  •  ازدياد في السلوكات الخطرة.
  • كما قد يصبح المراهقون شديدي الحساسية تجاه الانتقادات.
  • ربما يميلون إلى العزلة تحت مبررات مثل «أحتاج بعض الوقت لوحدي»
  • أو يُظهرون ميولاً للكمالية الزائدة

وثمة إشارات سلوكية، أو غير لفظية، يمكن أن تكون بمثابة مؤشرات إنذار مبكر على الأهل التنبه لها، وتدل على وجود اكتئاب خفي لدى المراهقين، وترصد د.نسيم أبرزها:

  • انخفاض ملحوظ في الحماسة تجاه الأنشطة التي كانوا يستمتعون بها سابقاً.
  • الميل إلى الانعزال الاجتماعي، حتى عن الأصدقاء المقرّبين، أو أفراد الأسرة.
  • تغيّرات في لغة الجسد، مثل انحناء الظهر، أو تجنّب التواصل البصري، أو الابتسامة المصطنعة.
  • شكاوى جسدية متكرّرة، مثل الصداع أو آلام المعدة من دون سبب طبي واضح.
  • زيادة مفرطة في استخدام الشاشات كوسيلة للهروب أو الانسحاب.
  • سلوكات إيذاء النفس، حتى إن كانت بسيطة، مثل قضم الأظافر، أو حك الجلد بشكل مفرط.
مجلة كل الأسرة

7 استراتيجيات للأهل عند الشك في وجود اكتئاب خفي لدى أحد أطفالهم

تشرح استشارية الطب النفسي: «ثمة استراتيجيات أنصح باتباعها، وهي:

  • إيجاد مساحة آمنة وداعمة للحوار، حيث يشعر الطفل بالاطمئنان للتعبير عن مشاعره من دون خوف من اللوم، أو التقييم.
  • تجنب اللغة التصادمية، أو التقليل من شأن ما يشعر به الطفل، مع التركيز بدلاً من ذلك على الاستماع بتعاطف وطرح أسئلة مفتوحة تعبّر عن الاهتمام، وليس الاتهام.
  • تقدير مشاعر الطفل والتعبير عن تفهمها، بدلاً من التسرع في تقديم الحلول، أو التقليل من حجم معاناته.
  • مراقبة السلوكات المقلقة والتأكد من استمراريتها، أو تكرارها، على مدى فترة زمنية، بدلاً من التفاعل مع تصرفات فردية منعزلة.
  • الاستعانة بالدعم المهني مبكراً، سواء من خلال مرشدين في المدرسة، أو أطباء أطفال مختصين في الصحة النفسية، أو أطباء نفسيين للأطفال والمراهقين.
  • الحفاظ على الروتين اليومي الصحي، بما في ذلك تنظيم النوم، والتغذية، والحد من الإفراط في استخدام الشاشات.
  • تشجيع الطفل على التعبير عن ذاته بطرق إبداعية، مثل الرسم، أو كتابة اليوميات، أو العزف، والموسيقى، ما يساعده على التفريغ العاطفي بطريقة صحية، وآمنة.

أقول للأهل: قدّروا مشاعر أبنائكم ولا تقلّلوا من حجم معاناتهم واتركوا لهم حرية التعبير عن أنفسهم

كما تتوافر عدة أنواع من العلاجات النفسية المناسبة للمراهقين، من دون اللجوء إلى الأدوية، وهي علاجات فعّالة ومعتمدة علمياً، خصوصاً في حالات الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط لدى المراهقين، ومن أبرزها:

  • العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يُساعد المراهقين على التعرّف إلى الأفكار السلبية، واستبدالها بأنماط تفكير أكثر توازناً وواقعية، ما يُحسّن المزاج والسلوك تدريجياً.
  • العلاج السلوكي الجدلي (DBT): يُعد مفيداً بشكل خاص لمن يُعانون اضطرابات في تنظيم المشاعر، أو اندفاعية مفرطة، حيث يُعزز الوعي الذاتي، ومهارات التأقلم.
  • العلاج باللعب أو الفن: من الأساليب الفعالة للمراهقين الأصغر سناً، أو من يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم بالكلام.
  • العلاج الأسري: يُركّز على تحسين التواصل داخل الأسرة، ومعالجة أنماط التفاعل التي قد تسهم في تدهور الحالة النفسية، ما يُوفر بيئة أكثر استقراراً ودعماً للطفل.
  • العلاج المعرفي القائم على اليقظة الذهنية (Mindfulness-Based Cognitive Therapy): يُساعد على تهدئة التوتر، وتقوية التركيز، وتعزيز قدرة المراهق على تنظيم مشاعره، والتعامل مع القلق بطريقة أكثر هدوءاً ووعياً.