06 يوليو 2025

المشاعر السلبية بين الأشقاء.. كيف نحولها إلى علاقة صحية ومتوازنة؟

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

العلاقة بين الأشقاء تُعد من أقوى الروابط في حياة الإنسان، فهي تمتد من الطفولة حتى نهاية العمر، وتشكل جزءاً كبيراً من الذكريات والهوية، ولكن رغم هذا الترابط العاطفي العميق لا تخلو هذه العلاقة من التحديات، فقد تظهر أحياناً مشاعر سلبية عند البعض مثل الغيرة، أو التنافس، أو حتى النفور، ما قد يسبب فجوة يصعب ردمها مع الوقت.

مجلة كل الأسرة

هذه المشاعر، وإن بدت غير مريحة، إلا أنه يمكن فهمها والتعامل معها بطرق صحية. نستعرض في السطور التالية الأسباب التي تقف وراء تلك المشاعر، ونسلط الضوء على الطرق الفعّالة لتحسين العلاقة بين الأشقاء، وتحويل التوتر إلى فرصة للتقارب والنضج:

عزيزة المغيولي، أخصائية علم النفس في مدينة الشيخ شخبوط الطبية بأبوظبي، تقول «العلاقات بين الأشقاء معقدة بطبيعتها، لأنهم يشتركون في البيئة نفسها ولكن بتجارب مختلفة، وهناك عدة أسباب يمكن أن تؤدي إلى مشاعر الغيرة أو الحقد في فترات زمنية معينة، مثل التنافس على اهتمام الوالدين، أو الإحساس بعدم العدالة في المعاملة، أو الاختلافات الشخصية بين الأشقاء. فعلى سبيل المثال، توضح نظرية التعلق أن الأطفال الذين يشعرون بعدم الأمان في علاقتهم مع والديهم قد يكونون أكثر تعرضاً لتطوير مشاعر الغيرة أو الحقد تجاه أشقائهم، لأنهم يرونهم كمنافسين على الحب والانتباه. وأيضاً ووفقاً لنظرية التعلم الاجتماعي، فإن الأطفال يراقبون كيف يتفاعل والديهم معهم ومع أشقائهم، وإذا لاحظوا تفضيلاً مستمراً أو معاملة غير عادلة فقد يبدؤون بإصدار ردود فعل سلبية، مثل العدوان أو الانسحاب العاطفي».

التمييز أحد العوامل الأساسية التي تؤجج المشاعر السلبية بين الأشقاء

ثمة مشكلة كبيرة يقع فيها أحد الوالدين أو كلاهما، وهي التمييز في المعاملة، الذي قد يؤدي إلى تأجيج المشاعر السلبية بين الإخوة. «التمييز، سواء كان مقصوداً أو غير مقصود، هو أحد العوامل الأساسية في تأجيج المشاعر السلبية بين الأشقاء، فبعض الدراسات في مجال علم النفس التطوري وجدت أن الأطفال حساسون جداً للفروقات في المعاملة، حتى لو كانت طفيفة، فمن يشعرون بأنهم الأقل تفضيلاً يميلون إلى تطوير مشاعر الغيرة أو الحقد تجاه أشقائهم، ما يزيد من التوتر والصراعات الأسرية. ناهيك عن أن بعض السمات الشخصية تجعل الطفل أكثر تعرضاً لتطوير هذه المشاعر، فوفقاً لنموذج العوامل الخمسة الكبرى للشخصية (Big Five Personality) قد يكون الأطفال ذوو المستويات العالية من العصبية أكثر حساسية تجاه الاختلافات في المعاملة، وأكثر تعرضاً لتطوير استجابات سلبية مثل الحقد أو الاستياء. من ناحية أخرى، قد يكون الأطفال الذين يتمتعون بمستويات منخفضة من التوافق أقل قدرة على التسامح وأكثر ميلاً للصراع، كما أن الأطفال الذين يعانون تدني احترام الذات قد يكونون أكثر تعرضاً للشعور بالغيرة، لأنهم يقارنون أنفسهم بأشقائهم باستمرار ويشعرون بالنقص".

مجلة كل الأسرة

نصائح للأم للتعامل مع المشاعر السلبية بين أبنائها

هناك عدة استراتيجيات يمكن للأم اتباعها لتقليل التوتر بين أبنائها وتعزيز الروابط بينهم، مثل:

  • الاعتراف بالمشكلة ومعالجتها مبكراً: الأطفال الذين يشعرون بأن مشاعرهم تُهمل قد يلجؤون إلى تصعيد سلوكهم، ويجب على الأم الاستماع إلى كل طفل على حدة ومحاولة فهم مشاعره دون إصدار أحكام.
  • العدالة في المعاملة: ليس بالضرورة أن يحصل جميع الأطفال على المعاملة نفسها في كل شيء، لكن يجب أن يشعروا بأنهم محبوبون ومقدّرون بشكل متساوٍ.
  • تعليم الأطفال مهارات حل النزاعات: يمكن للأم تشجيع الحوار المفتوح بين الأبناء وتعليمهم كيفية التعبير عن مشاعرهم بطرق غير عدوانية.
  • خلق تجارب إيجابية مشتركة: الأنشطة العائلية التي تتطلب التعاون، مثل الطبخ معاً أو ممارسة الرياضة، يمكن أن تعزز الروابط بين الأشقاء.
  • تجنب المقارنة بين الأبناء: فعل هذا السلوك مع الأشقاء، سواء في الأداء الأكاديمي أو السلوكي، يمكن أن يقود إلى علاقة مدمرة تزيد الشعور بالمنافسة غير الصحية.
  • تشجيع الاستقلالية لكل طفل: عندما يشعر كل طفل بأنه يمتلك مساحته الخاصة ليكون فريداً تقل احتمالية التنافس السلبي.

وتوضح عزيزة المغيولي أن العلاقات الأسرية لا تُبنى فقط بالمحبة، ولكن أيضاً بالإدارة الواعية للصراعات التي قد تنشأ، وفهم العوامل النفسية التي تؤثر في ديناميكية العلاقة بين الأشقاء، فتلك العلاقة ليست دائماً سهلة، ولكنها تستحق الجهد، من خلال فهم أعمق للمشاعر السلبية والعمل على تجاوزها بوعي وحب، إذ يمكن تحويل علاقة مشحونة إلى رابطة دعم متينة تدوم مدى الحياة.