كيف أحمي أبنائي من التأثيرات السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي؟

مع هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، يواجه الأهل تحدّي توجيه الأبناء نحو الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه المنصات، وتزويدهم بالأدوات اللازمة للتفريق بين متعة التحدّيات الرقمية وحدودها الآمنة، حفاظاً على توازنهم النفسي والاجتماعي، وحمايتهم من تأثيراتها السلبية.

وفي ظل صعوبة التمييز بين متعة وخطورة تحدّيات الإنترنت التي يتعرض لها الأطفال والمراهقون، توجّه المستشارة التربوية والأسرية والمرشدة المجتمعية همسة أحمد يونس، الأهل بضرورة توعية الأبناء بأهمية التفريق بين التحدّيات المسلية والآمنة، وتلك التي تنطوي على مخاطر، تقول «غالباً ما تجمع هذه الوسائل بين عنصرَي المتعة والإثارة، والشعور بالرضا والسعادة، لذا، فإن جانب المخاطر حاضر فيها، وامتلاك الأبناء الوعي الكافي للعواقب السلبية التي قد تترتب عليها هذه التحدّيات، سواء كانت نفسية أو جسدية، عنصر هام، لأن التهوّر قد يقود إلى ضرر حقيقي لهم، أو للآخرين من حولهم».
ومع الخطورة التي يمكن أن تتسبب بها هذه التحدّيات، تبيّن همسة يونس للآباء أهمية توجيه الأبناء كيفية الاستفادة من هذه الوسائل، من دون أن يلحقوا بأنفسهم أي أذى «لا بأس أن يستمتع الأبناء بهذه التحدّيات لتحقيق حاجاتهم الأساسية من المتعة، والرضا، والإيجابية، لكن الأهم أن يكونوا واعين لمستوى الخطورة التي تحتويها، إذ يمكن أن يحمل البعض منها في طيّاته درجة معيّنة من المخاطرة التي تعزز مشاعر الإثارة والتشويق، لذا لا بد أن يعوا كيفية إدارة هذه المخاطر على حياتهم، ومستقبلهم، سواء من الناحية النفسية، أو الجسدية، كما لا بد من أن يعززوا أهمية التفكير النقدي».

وتكشف المستشارة التربوية والأسرية، أهمية امتلاك الطفل، أو المراهق، رأياً مستقلاً بعيداً عن أيّ تقليد لما يُعرض على وسائل التواصل الاجتماعي «من الهام ألا يكتفي الأبناء بتكرار الأفعال من دون إدراك لما تنطوي عليه من مخاطر، بل عليهم تطوير رؤية نقدية واعية تعكس شخصياتهم الحقيقية، لذلك يكون واجباً على الوالدين توفير بدائل آمنة لهذه التحدّيات، مثل بعض الأنشطة الممتعة التي تمنحهم ذات الشعور، لأنها تنشّط هرمون الدوبامين المسؤول عن شعور الفرح والنشوة، وتعزز من قدرتهم على اتخاذ القرارات».
التواصل الأسري يساعدهم على سدّ الفراغ الروحي ويمنحهم الإحساس بالأمان والانتماء الذي يقيهم الانجراف وراء العالم الافتراضي
وتوضح همسة يونس، تأثير وجود الأطفال والمراهقين على وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يسرقهم من طفولتهم، ويحرمهم عيش تجارب فعلية مع الأصدقاء والعائلة، إضافة إلى تأثيره في مهاراتهم الاجتماعية، والعقلية، والحركية، في سنوات نموّهم الأولى «غالباً ما يعبّر الأطفال عن رغبتهم في قضاء المزيد من الوقت برفقة والديهم، هذا التواصل الأسري يساعدهم على سد الفراغ الروحي، ويمنحهم الإحساس بالأمان، والانتماء الذي يقيهم من الانجراف وراء العالم الافتراضي، والوقاية من مخاطره».

آثار التعليقات السلبية في الـ«سوشيال ميديا» على نفسية الأبناء
كما تبيّن المستشارة التربوية التأثير النفسي للتعليقات التي يتلقاها الأبناء على هذه الوسائل «يجب الانتباه لصحة أبنائنا النفسية، وردود أفعالهم عند استخدام وسائل التواصل، لما يتعرضون له عند تلقي إجابات، أو تعليقات، سواء كانت إيجابية، أو سلبية، وعدم منحها حجماً أكبر ممّا تستحق. إذ عادة ما نتلمس أحساسهم بالسعادة والفرح عندما يحصلون على حجم كبير من التعليقات، مقابل الشعور بالحزن والإحباط عندما لا يلمسون التفاعل الذي كانوا يطمحون إليه، وبالتالي يكونون عرضة للإصابة بمشاكل نفسية، مثل القلق، والإحباط، والاكتئاب. فعلى الرغم من الشعور الإيجابي الذي يحصل عليه الطفل، أو المراهق، بسبب الإعجابات أو التعليقات، إلا أن الاعتماد عليها بشكل مفرط يؤدي إلى زعزعة وتراجع ثقته وتقديره لذاته».
وتؤكد المستشارة التربوية «لا ضرر من أن ينال الطفل أو المراهق حاجته الأساسية من المتعة، والرضا، والإيجابية من هذه التحدّيات التي تحمل في طياتها درجة معينة من المخاطرة، وتعزز لديه مشاعر الإثارة والتشويق، لكن في المقابل يجب أن يمتلك الوعي الكافي لتأثير هذه المخاطر في حياته ومستقبله، سواء من جانب الصحة النفسية أو الجسدية». وتوجه همسة يونس الآباء بـ«ضرورة توعية الأبناء بخطورة الانجرار وراء ما تعرضه وسائل التواصل الاجتماعي من تحدّيات، بعدم تكرار الأفعال بشكل أعمى، وتوفير البدائل الآمنة والممتعة».

نصائح للأهل لإبعاد مخاطر مواقع التواصل عن أبنائهم
لتجنب الآثار السلبية الناجمة عن انجراف الأبناء وراء الاستخدام غير المنظم لوسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً في ظل وجود فراغ كبير في الوقت، توصي همسة يونس بعدة خطوات:
- توعية الأبناء بمخاطر التحدّيات المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتنبيه إلى أن تقليد هذه التحدّيات بشكل أعمى قد يؤدي إلى أضرار جسدية، ونفسية، وقانونية، مع ضرورة تعزيز التفكير النقدي لديهم، وتمكينهم من التمييز بين المحتوى المفيد والضار.
- توفير بدائل واقعية وآمنة تلبّي احتياجاتهم النفسية والاجتماعية، مثل إشراكهم في أنشطة رياضية، أو فنية، أو تطوعية على مدار العام، وليس خلال العطل فقط، ما يسهم في تنمية شخصياتهم، وصقل مهاراتهم.
- تشجيعهم على الابتكار والإبداع من خلال الاستماع لاهتماماتهم وأفكارهم، ودعمهم في تنفيذ مشاريع صغيرة، سواء كانت تقنية، أو مجتمعية، تعزز ثقتهم بأنفسهم وتفتح أمامهم آفاقاً جديدة لتوظيف طاقتهم بشكل إيجابي.
- تعزيز التواصل الأسري من خلال تخصيص وقت يومي للحوار والنقاش المفتوح، ما يساعد على بناء علاقة قائمة على الثقة والاحترام، ويقلل من الفجوة بين الآباء والأبناء.
- وضع ضوابط واضحة لاستخدام الأجهزة، والاتفاق على أوقات محدّدة للتصفح، إلى جانب تشجيع فترات الانفصال الرقمي (Digital Detox)، لتنمية وعيهم بأهمية التوازن بين العالم الرقمي، والحياة الواقعية.
- تثقيف الأبناء رقمياً من خلال تعريفهم بقواعد الأمن الإلكتروني، وطرق الحماية من التنمّر، أو الابتزاز الرقمي، ما يعزز من قدرتهم على التعامل الواعي والمسؤول مع المنصات الرقمية.