
يُعد اضطراب التحدّي المعارض (ODD)، أحد الأمراض النفسية التي قد تصيب الأطفال والمراهقين، وتؤثر في تطور شخصيّاتهم، وفي عائلاتهم أيضاً، ومن الهام فهْم هذا الاضطراب، وأسبابه، وأعراضه، إضافة إلى طرق العلاج المتاحة، لدعم الأطفال وعائلاتهم للتغلب عليه.
إيمان كامل، مستشارة تعليمية وكوتش حياة، تقول «يُعد العناد، والتحدي، أمراً طبيعياً في بعض المراحل العمرية عند أولادنا، فمثلاً في عمر السنتين إلى الثلاث سنوات تتسم شخصية الطفل بالعِند، ومحاولة إثبات الذات، ثم تهدأ الأمور قليلاً، لتعود مرة أخرى في سِن المراهقة. وفي هاتين المرحلتين يكون الطفل، أو المراهق، بحاجة إلى الشعور بالتحكم في حياته، وقراراته، ولكن في بعض الأحيان يكون التحدّي والمعارضة مبالغاً فيهما، وفي أماكن وأوقات لا تستدعي ذلك، وتكون الحالة حادّة وشديدة لدرجة قد تؤثر في ممارسات الحياة اليومية، وفي علاقات الطفل، أو المراهق، بالأشخاص المحيطين به، وفي هذه الحالة، يلزم اللجوء إلى طبيب نفسي لتحديد ما إذا كان يعاني اضطراب التحدّي المعارض، والذي يتمحور في كونه اضطراباً سلوكياً، يُظهر فيه الطفل تفاعلات سلبية رافضة، ومعارضة، إذ يتسم بسلوكات عدوانية مع التمرّد على الأهل، ما يؤثر سلباً في العلاقات الأسرية والاجتماعية».

التحديات المرتبطة باضطراب التحدي المعارض
توضح إيمان كامل تأثير تلك التحديات المرتبطة بهذا الاضطراب في سلوكات الطفل، والتي تقود إلى مشاكل نفسية إذا لم تتم معالجتها:
- التأثير في الأداء الأكاديمي: قد يعاني الطفل صعوبات في التعلّم لانشغاله بالسلوكات العدوانية والتحدي.
- التأثير في العلاقات الاجتماعية: قد يواجه الطفل صعوبة في تكوين صداقات فلا أحد يتحمل السلوكات، المؤذية والمزعجة، باستمرار.
- التأثير في الصحة النفسية: فإذا لم تتم معالجة هذا الاضطراب، قد يؤدي إلى مشاكل نفسية أخرى مثل الاكتئاب، أو القلق.

عوامل وأعراض ظهور اضطراب التحدي المعارض
يقودنا الحديث إلى أهمية إلقاء الضوء على أسباب اضطراب التحدي المعارض، والعوامل التي قد تكون وراء هذا الاضطراب:
- عوامل وراثية: وجود تاريخ عائلي من الاضطرابات النفسية.
- عوامل بيئية: سوء المعاملة، أو الإهمال في الطفولة، يجعل الطفل يشعر بالضآلة، ويلجأ إلى الدفاع عن نفسه بالاتجاه إلى المعارضة والتحدّي، بخاصة مع الوالدين، والمدرّسين، كما تؤدي الضغوط الأسرية والنفسية، ونقص التدريب على مهارات التعامل مع الضغوطات الحياتية، إلى الإصابة بهذا الاضطراب، ويكون العِند طريقته في التخلص من تلك المشاعر السلبية.
- عوامل نفسية: عندما لا تتم تربية الطفل على المهارات الاجتماعية في التواصل مع الأفراد المحيطين به، يؤدّي الشعور بالضيق وقلّة الحيلة إلى هذا الاضطراب النفسي، كما يؤدي غياب مهارة ضبط النفس، والتعبير الصحّي عن المشاعر السلبية، والتي يجب أن يتعلمها الطفل مبكراً، إلى اضطرابات نفسية.
السلوكات المتمرّدة والعدوانية وتقّلبات المزاج أهمّ أعراض الاضطراب
وتستعرض المستشارة التعليمية إيمان كامل، أعراض اضطراب التحدّي المعارض «تختلف أعراض اضطراب التحدّي المعارض عن محاولة إثبات الذات، أو العند، اللذين تتسم بهما شخصية الطفل ذي السنتين، أو المراهق، في التكرار والشدّة، والتأثير في الأسرة والمحيطين، وتكون الأعراض:
- سلوكات متمرّدة: رفض الامتثال للقواعد والتعليمات، سواء في البيت أو المدرسة.
- العدوانية: التسبب بالأذى للآخرين، أو المبالغة في ردود الفعل بشكل متكرر ومزعج.
- التهديدات أو التحدّيات: إظهار سلوكات لكسر القواعد مع ذوي السلطة، والعدوانية مع الأصدقاء بشكل متكرر.- عدم إظهار الاحترام للمعلمين في المدرسة، أو الوالدين في المنزل.
- تقلبات المزاج: وهو التغيّر المفاجئ في المشاعر، مثل الغضب أو الإحباط، مع عدم القدرة على التعامل مع تلك المشاعر».
«وفي حالة الشك في وجود هذا النوع من اضطراب الشخصية يجب اللجوء إلى متخصص للتأكد من التشخيص الصحيح، ووضع طرق علاج يتعاون فيها الطبيب مع الأهل، وكل من يتعامل بصفة مباشرة ودائمة مع الطفل:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): عن طريق متخصص يتكلم مع الطفل، أو المراهق، ويساعده على تعلم كيفية التحكم في سلوكاته.
- العلاج الأسري: وهذا يتم عن طريق تعزيز التواصل بين أفراد الأسرة لتحسين وتقوية العلاقات بينهم.
- التدريب على مهارات التواصل: تعليم الأطفال كيفية التعبير عن مشاعرهم بشكل صحي، فكلما تحسن التواصل زادت ثقة الطفل بنفسه، وتحكّمه في ردود أفعاله.
- التوجيه التربوي: قد يقوم الطبيب، أو المتخصص بتقديم الدعم للمعلمين لتطبيق استراتيجيات فعالة في الفصل.
- الأدوية: في بعض الحالات تستخدم بعض الأدوية لتحسين الأعراض».

دور الوالدين في علاج اضطراب التحدي المعارض
ثمة مسؤولية تقع على عاتق الوالدين لدعم أطفالهم المصابين بهذا الاضطراب، توضحها إيمان كامل:
- تعزيز التواصل: الاستماع إلى مشاعر الطفل والتعبير عن التفهّم والدعم ما يساعده على الهدوء، والتحكم في ردود أفعاله.
- تحديد النتائج والعواقب: من الأسباب الرئيسية للقلق وعدم الشعور بالأمان عدم معرفة الطفل لنتائج تصرفاته، ما قد يؤدي إلى اضطراب التحدّي المعارض، ولذلك يجب وضع قواعد واضحة، وعواقب ثابتة لأيّ سلوك سلبي.- تشجيع السلوك الإيجابي: مكافأة السلوكات الجيدة لتعزيزها وتشجيع الطفل عليها وتعزيز ثقته بنفسه.
- هدوء الأهل والتحكم في مشاعرهم: فهذا يشعر الطفل بالأمان كما أنه يجعل من الأهل قدوة يحاول الطفل تقليدها.
- البحث عن الدعم: الانضمام إلى مجموعات دعم للآباء، أو استشارة متخصصين، فكثيراً ما يحاول الآباء والأمّهات حل المشكلة، من دون مساعدة أو دعم، ما يتسبب بالضغط النفسي على الوالدين، وقد يؤدي إلى المزيد من الضغط على الطفل.