تقع على عاتق الأمّ العاملة أعباء كثيرة، تبدأ برعاية أسرتها، والقيام بمتطلبات أمومتها، مروراً بمهام عملها، وليس انتهاء بمواكبة مسار التوازن بين كل هذه المسارات، مع البحث عن تحقيق ذاتها.
وأمام هذه الأعباء، تشعر الأم العاملة بالانتقاص من أمومتها، وبالذنب لأسباب تتعلق بقلة الوقت الذي تقضيه مع أسرتها، بسبب التزامات العمل، والشعور بالتقصير تجاه عدم تلبية بعض احتياجات أطفالها، وسعيها الدائم لتحقيق التوازن بين العمل والأسرة.
فما الأسباب الكامنة وراء هذا الشعور بالذنب والتقصير؟ وكيف السبيل للتحرر منه؟ وما الخطوات التي يمكن من خلالها للأم الإحساس بأمومتها كاملة، بخاصة أن يوم الأم هو مناسبة للأم العاملة لتكافئ نفسها وتتحرّر من أفكارها؟
هذه الأسئلة تجيب عنها الدكتورة هالة الأبلم، استشارية صحة نفسية وخبيرة تربوية وأسرية، منطلقة من قراءة إيجابية، أن المرأة العاملة قد تدفع ضريبة خوضها ميدان العمل، ولكن «هذا الأمر لا يمكن أن يقودها إلى أي شعور بالانتقاص من أمومتها، ومن المهم التعامل مع هذه المشاعر بشكل صحيح».
هذه القراءة ترفدها د. الأبلم بالكثير من معطيات الواقع الحالي والمتغيرات المجتمعية تجاه النظرة لعمل المرأة «في السابق، كان أساس وجود المرأة في المنزل، والقيام بدور الأم، والتركيز على تلبية متطلبات أسرتها، بيد أنّ ظروف الحياة الضاغطة في الوقت الراهن دفعت المرأة إلى خوض غمار العمل، ليصبح العمل ضرورة، حتى أن بعض شباب اليوم باتوا يختارون الارتباط بامرأة عاملة».
فهل يمكن القول إن خروج المرأة للعمل ينتقص من أمومتها؟
تنفي د.الأبلم شعور المرأة بالانتقاص من أمومتها، إلا أنها قد تشعر بالذنب لعوامل عدة، أهمّها:
على الأم أن تسعى لتحقيق التوازن لتحتفي بأمومتها من دون شعور بالذنب، وتنظيم برنامجين أحدهما للعمل والآخر للمنزل
تؤكد د.الأبلم أن الحل يكمن في تحقيق التوازن «في حال نجحت المرأة في تحقيق مسار متواز بين الأسرة والعمل، وتحمّل مسؤولياتها كاملة تجاه طرفي المعادلة، لن تواجه أي مشكلة لأن المسؤولية الأكبر والأعمق هي أن تكون أمّاً، وهذا أكبر عمل، وأكبر قوّة على الإطلاق».
التوازن بين متطلبات الأسرة والعمل
تذكر الاستشارية النفسية حالة طبيبة جراحة كانت حاملاً، وكانت حائرة بين عدم قدرتها على ترك مولودها بين يدَي الخادمة، أو عند أمّها، وقت الولادة، أو ترك العمل والتفرغ لتربية طفلها، وبعد رصد نقاط القوة ونقاط الضعف في كلا المسارين، اتخذت قراراً بترك عملها مؤقتاً، للتفرغ لأمومتها وتربية طفلها في المراحل الأولى من عمره.
إذن، القرار بيد الأم العاملة في إحداث تغيير في معادلة التوازن.. توضح الخبيرة الأسرية «نحن نصنع المشكلات بأيدينا، لكن في حال استطعنا أن نوازن مسارين مهمّين مع الأخذ في الاعتبار قدرة المرأة على التحمّل والإصغاء إلى آلام جسدها عند تجاوز عمر معين، تكون قد حققت التوازن».
وفي هذا السياق، تركز د.الأبلم على نقاط عدة لتحقيق هذا التوازن وعيش الأمومة بشكل فائض:
وفي يوم الأم، لا تغفل د.الأبلم التعبير عن حبّها لوالدتها وتوجيه رسالة لها «الله لا يحرمني منها، و يبارك في عمرها»، وتعقّب «وجود الأم جدّ هام، ولا بد من مواكبة يومها، وكل يوم، بكلمات الحب والتقدير والامتنان لكل الأمهات اللواتي يقمن بدور جبار، سواء في ميدان العمل وفي ميدان الأمومة، ويعتبرن أسرتهن الأساس».
الاحتفاء بالأمومة في عيد الأم
وللخروج من الشعور بالذنب، تزوّدنا الأبلم ببعض الخطوات العملية لتحتفي الأم العاملة بأمومتها وتعبّر، بجدارة، عن حبّها وامتنانها لأسرتها ولنفسها في يوم الأم بطريقة إيجابية: