لا أحد يستطيع أن ينكر أن «جروبات الأمهات» أصبحت من أهم وسائل التواصل الفعالة والمستمرة مع المدرسين وإدارة المدارس وبين أولياء الأمور وبعضهم البعض، لمعرفة كل جديد يخص أولادنا بالمدرسة وحل كل المشكلات الدراسية.
شيئاً فشيئاً تحولت «جروبات الأمهات» للبديل الأفضل لمجالس الآباء التقليدية، لكن في الوقت نفسه كثرة هذه الجروبات الخاصة بالصف الدراسي لكل ابن وزحمة الرسائل بها تسبب ارتباكاً وأحياناً إزعاجاً شديداً للأم خاصة عندما يكون لها عدد من الأبناء.
سألت «كل الأسرة» عدداً من خبراء التربية والطب النفسي وتعديل السلوك حول مدى فاعلية هذه الجروبات للأم لمتابعة أحوال أولادها، وكيف تتعامل الأم مع كثرة هذه الجروبات وزحمة الرسائل بها، وكيف تنظم العلاقة مع الأمهات في هذه الجروبات:
ما أهمية «جروبات الأمهات» وكيف أثرت على علاقتنا بالأبناء؟
في البداية، توضح الدكتورة هايدي المصري، استشارية نفسية الطفل وتعديل السلوك بالقاهرة، أن «جروبات الأمهات» هو اسم يطلق على تجمعات الأمهات على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي لمناقشة مشاكل أبنائهن سواء الدراسية أو السلوكية.
وتقول «هذه التجمعات لها فوائد عديدة تنعكس على مصلحة الأبناء، منها:
لكن ليس معنى ذلك أن تتسبب هذه الجروبات في إصابة الآباء والأمهات بالتوتر والمبالغة في تعليم أطفالهم الصغار والحرص الزائد على أداء الواجبات المنزلية الكثيفة والقلق حول الأداء الأكاديمي لأطفالهم مما يجعل الأطفال متوترين ومثقلين بالدراسة، في الوقت الذي يفترض أن يكون اللعب وتنمية المهارات جزءاً من وقتهم.
وتحذر الاستشارية النفسية الأمهات من الانخراط الزائد للتنافس مع الأمهات على «جروبات الأمهات» على الـ «سوشيال ميديا» فتتحول هذه الوسيلة من تسهيل التواصل وحل المشكلات إلى أداة للضغط وتفاقم الأمور، فإذا تم هذا الأمر بشكل ضاغط وغير مفيد للأبناء فستتحول هذه الجروبات إلى أداة لإشعال التنافس في التعليم والأنشطة خاصة.
الجروبات التي تشرف عليها المعلمات أكثر فائدة
ويتفق معها الدكتور جمال شفيق أحمد، أستاذ علم النفس الإكلينيكي ورئيس قسم الدراسات النفسية للأطفال بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، في أن «جروبات الأمهات» أحياناً تتسبب في أن يصبح الطفل ساحة للتنافس، وهذا الأمر خطر جداً في التربية، وهناك من يعتقد أن مرحلة رياض الأطفال يصبح التفوق فيها ذا دلالة على مستقبل الطفل، كما أن الأبناء من الأم الواحدة يختلفون ويتباينون في مواهبهم وقدراتهم ومهاراتهم العلمية وهواياتهم، فما بالنا بالطفل وسط زملائه؟
ويرى الدكتور جمال شفيق أن من أفضل الجروبات التعليمية التي يجب على الأمهات الحرص على الالتحاق بها ومتابعتها هي تلك الجروبات التي يشرف عليها المعلمون والمعلمات بالمدرسة لأنها تساعد الأم في الحصول على المعلومات الصحيحة لتسهيل التواصل مع أولادها خاصة مع الأطفال المبتدئين، فهي مفيدة لتعليم الأم كيف تتعاون مع ابنها وتتابعه بنفسها بدلاً من اللجوء للدروس الخصوصية.
ويشير أستاذ التربية النفسية إلى أن بعض «جروبات الأمهات» تتحول إلى ساحات معارك بين الأمهات وبعضهن بسبب مشاكل الأبناء خلال اليوم الدراسي، أو بين الأمهات والمعلمات وإدارة المدرسة نتيجة اتهام البعض لهم بالتقصير في تدريس الأبناء، وهنا تكون هذه الجروبات ذات تأثير سلبي في الأبناء، فبدلاً من حل المشاكل أصبحت هي سبب المشاكل وإطلاق الشائعات وتجاوز الضوابط الأخلاقية والمهنية.
لذلك يوجه الدكتور جمال شفيق الأمهات بما يلي:
لا تفشوا أسرار أبنائكم على الملأ في الجروبات
أما الدكتور عمرو شليل، أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة المنصورة، فيؤكد هو الآخر أن «جروبات الأمهات» تعتبر جزءاً لا يتجزأ من المشوار الدراسي للأبناء خاصة لدى الأم لأنها هي المتابعة لكل صغيرة وكبيرة فيما يخص أبناءها في المدارس وبالتالي تساعدها هذه الجروبات على التواصل مع أمهات الطلاب ومناقشة الأمور الخاصة بالمناهج الدراسية ومتابعة الواجبات المنزلية اليومية، لكنها في الوقت نفسه يجب ألا تغني عن زيارات أولياء الأمور للمدارس لمتابعة أولادهم حتى يشعر الأبناء باهتمام آبائهم وأسرهم.
وينبه الدكتور عمرو شليل إلى ضرورة أن تحافظ الأم على نفسية ابنها بعدم عرض مشكلاته الشخصية أمام جميع الأمهات على هذه الجروبات لأنها بلا أدنى شك قد تصل إلى زملائه في الصف الدراسي وستؤثر كثيراً في نفسيته وسلوكه، فالتعامل الإيجابي مع مشكلات الطفل وطلب الاستشارة لا يعني فضحه على الملأ، والأمهات الأخريات في النهاية هن لسن خبيرات في نفسية الطفل ولا أساتذة تعديل سلوك حتى تطلبن منهن إفتاءكن فيما ليس لكن به علم، فهن أيضاً قد لا يختلفن عنكن كثيراً.
ويستطرد الدكتور عمر شليل «الأفضل في حالة مواجهة طفلك وكذلك ابنك المراهق مشكلة دراسية أو نفسية، استشارة المتخصصين سواء في مدرسته بالتحدث مع الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، ثم اللجوء لمتخصصين من الأطباء وخبراء تعديل السلوك حتى تحصلين على المعلومة الصحيحة والنصيحة الأصوب للتعامل مع المشكلة بما يضمن لك عدم تفاقمها».
نصائح مهمة قبل قرار البقاء في «جروب الأمهات» أو مغادرته
وحول الطريقة الأمثل للتعامل مع «جروبات الأمهات» ومتى يجب أن نبقى ومتى يجب أن نغادرها..
تقدم الدكتورة إيناس إحسان، استشاري التربية وتعديل السلوك في القاهرة، مجموعة من النصائح: