مشاكل المراهقين عموماً النفسية والسلوكية كثيرة ومتنوعة، فغالباً ما تكون هذه المرحلة من أصعب الفترات والمراحل العمرية التي يمر بها الإنسان، ولكن بعض هذه المشاكل يرتبط ببداية العام الدراسي الجديد وتصبح الشغل الشاغل لكل أب وأم، لمعرفة كيف يتجاوزان مع ابنهما، أو ابنتهما، المراهق مشاكله الدراسية والنفسية المرتبطة بهذه المرحلة بأقل الخسائر.
سألت «كل الأسرة» عدداً من خبراء الطب النفسي وتعديل السلوك واستشاريي العلاقات الأسرية حول أبرز مشاكل المراهقين التي ترتبط وتظهر خلال الموسم الدراسي، وكيف تستطيع الأسرة في زمن الـ «سوشيال ميديا» مواكبة هذه التغيرات وحلها بالشكل الأنسب.
مشاكل المراهقين الدراسية.. هم كبير لا مفر منه
بداية، توضح الدكتورة هالة حماد، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين بالقاهرة، أن علاقة الأهل بالأبناء في فترة المراهقة من أكثر الأمور تعقيداً بل تعد أكبر تحد تواجهه الأسرة.
ورغم صعوبة المهمة ومشقتها إلا أنها مهمة ضرورية لاستمرار الحياة ونشأة جيل جديد قوي ويستطيع الاعتماد على نفسه ومواجهة صعوبات الحياة لوحده. وترى الدكتورة هالة حماد أن من أبرز الصعوبات التي يواجهها المراهق في موسم الدراسة هي تلك الضغوط التي تضعها الأسر على المراهقين لتحصيل درجات دراسية أفضل للحصول على وظائف مرموقة في المستقبل، فضلاً عن الخوف المبالغ فيه عليهم في هذه المرحلة العمرية، مما يجعلهم يشعرون بأنهم محاصرون ويريدون التخلص من هذه القيود.
وتقول «دائماً ما أحذر الأبوين من كم الضغوط التي يفرضانها على أولادهما وأسألهما أيها أهم لديكما الدرجات العلمية والتحصيل الدراسي أم حياة أولادكما ونموهم العقلي والنفسي؟
لكن للأسف بعض الأسر لا تنتبه عادة لإصابة أبنائها في فترة المراهقة بالاكتئاب ويعتبرونهم أنهم ما يزالون صغاراً وليست لديهم مسؤوليات أو أعباء وضغوط رغم أن الاكتئاب والمرض النفسي عموماً لا سن له ويصيب المراهقين بل والأطفال كما يصيب كبار السن».
وتحذر استشارية تعديل السلوك الأسرة من الاستهتار بالمشاكل النفسية التي يتعرض لها المراهق في فترات الدراسة، والتعامل مع الأمر على أنها مرحلة وستمر دون البحث عن سبب كل مشكلة والتعامل معها بالطريقة المناسبة.
وتؤكد أن هناك علامات إذا ظهرت على المراهق مع بداية الموسم الدراسي تشير إلى وجود مشكلة ويجب التوجه معها فوراً للطبيب النفسي.. ومن أهمها:
وتشدد الدكتورة هالة حماد على ضرورة الالتزام بالعلاج النفسي المتخصص في حال اكتشاف أن المراهق مصاب بالاكتئاب لأن إهمال العلاج وعدم اللجوء للمتخصصين أو الامتناع عن تناول العقاقير يتسبب في كوارث وآثار نفسية قد لا يمكن علاجها في المستقبل أبداً.
أنواع التنمر المدرسي وعلامات تعرض المراهق له
ويتفق معها الدكتور أحمد فوزي صبرة، استشاري العلاج النفسي والتربوي وتعديل السلوك لدى المراهقين بالقاهرة، في أن فترة المراهقة ومشاكلها من أبرز التحديات التي تواجه الأسر خاصة في العصر الحالي الذي أصبحت فيه كل المعلومات متاحة أمام الأبناء لكن للأسف الأمور أمامهم متضاربة يختلط فيها الحابل بالنابل. ويرى د. صبرة أن من أكثر المشاكل التي تظهر جلياً في فترات الدراسة هي تنمر المراهقين على بعضهم البعض، ورغم أن التنمر ظاهرة مرفوضة تماماً في كل الأعمار لكنها تكون أكثر خطراً في فترات المراهقة لأنها في هذه السن تنطوي على ممارسة العنف والسلوك العدواني.
ويضيف «هناك أشكال عديدة للتنمر ويختلف تأثيرها عن الأخرى، منها جسدية مثل التحرش والاعتداء، ونفسية مثل السخرية والاستهزاء بسبب تصرف أو أي شيء آخر، وينبغي على الأسرة مساعدة المراهق على مواجهة التنمر والتسلط حتى لا تؤثر هذه الظاهرة في حالته النفسية التي قد توصل البعض إلى الانتحار».
وحول أنواع التنمر التي قد يتعرض لها المراهق في يومه الدراسي، يقول الاستشاري النفسي د. أحمد فوزي صبرة:
ومن أبرز العلامات التي تدل على تعرض الأبناء للتنمر المدرسي:
العيال كبروا ولكل جيل مشاكله
وفي نفس السياق، تؤكد الدكتورة أميرة الساعي، استشارية الصحة النفسية والعلاقات الأسرية بالقاهرة، أن الصداقة هي المفتاح السحري للأبوين والأبناء في تجاوز مشاكل وتحديات فترة المراهقة، وتبين «يجب علينا كآباء وأمهات أن نقرأ ونتعلم في مجال تربية المراهقين ومشاكلهم النفسية والسلوكية سواء كان ذلك يخص علاقتهم بأقرانهم ومعلميهم في الصف الدراسي أو حول علاقتنا نحن بهم، فهذه مسؤوليتنا الجديدة، فأبناؤنا قد كبروا ويحتاجون منا لاهتمام من نوع مختلف وتعامل جديد يناسب تغيراتهم النفسية والبيولوجية ويناسب طبيعة العصر الذي نعيش فيه».
وتحذر الاستشارية النفسية الأسرة من اللجوء إلى الطريقة نفسها التي تأسس عليها الأب والأم، والتعامل مع الأبناء ومشاكلهم من خلالها، لأن كل جيل يختلف عن غيره وبالتالي يصعب على المراهقين تنفيذها، مشيرة إلى أن الوعي والإدراك من الأسرة لطبيعة هذه المرحلة يمنح المراهق الدعم والأمان الذي يحتاجه ليعبر مشاكله الدراسية وتجاوزها بأمان. والأهم هنا هو مصادقة الأهل للبنت أو الولد في فترة المراهقة، وأن يكون أساس العلاقة بينهم هو الاحترام والحب والصدق والهدوء في المعاملة والحكمة في مواجهة المشكلات. والأمر يحتاج من الأهل، خاصة الأم، إلى مزيد من الجهد والصبر وأن تسعى جاهدة لكي تكون هي الصديقة الأقرب والأهم إلى قلب ابنتها وكذلك ابنها حتى يتجاوزان معاً فترة المراهقة بلا خسائر، فهذا يضمن لهما أن تظل علاقتهما راسخة للأبد.
وتلفت الدكتورة أميرة الساعي إلى أن حب وغراميات الأبناء المراهقين في المدارس ينبغي ألا يصبح كابوساً مزعجاً في حياة الآباء والأمهات، فالأمر لا يستدعي القلق المفرط والشك والتوبيخ والعقاب والتضييق ولكن يحتاج إلى حكمة وعقل ومرونة وصبر، خاصة أن المراهق في هذا العمر تتحرك مشاعره بشكل تلقائي ويشعر أنه يعيش تجربة حب حقيقية لأن هذه المشاعر طبيعية وواردة في هذه المرحلة العمرية وإذا ما تم التضييق على الأبناء قد يدخل الأمر معهم إلى مرحلة عناد وقد ينساقون وراء انجذاب جنسي لا تحمد عواقبه.
نصائح نفسية للتعامل مع مشاكل المراهقة
من جانبه، يقدم الدكتور إيهاب ماجد، استشاري الصحة النفسية والعلاج الأسري والتربوي للأطفال والمراهقين بالقاهرة، مجموعة من النصائح والتوجيهات للأهل تقرب المسافة بينهم وتجعلهم أكثر قدرة على تجاوز مشاكل أبنائهم المراهقين الدراسية بأفضل نتائج: