أهم ثروة يمكن أن نتركها لأولادنا هي محبتهم وترابطهم وأنهم كيان واحد.. لكن كثيراً من الآباء والأمهات يشكون من خلافات الأبناء وشجارهم الدائم بل وتنمرهم على بعضهم البعض ومشاعر الغيرة المتبادلة بينهم حتى يصل بهم الأمر لتحويل المنزل إلى ساحة قتال يتحاربون ويتعاركون فيها على كل صغيرة وكبيرة.
سألت «كل الأسرة» مجموعة من خبراء التربية والطب النفسي حول هذه المشكلة وكيف نتعامل معها بطريقة صحيحة؟ وكيف نحمي أولادنا من تنمر أقرب الناس إليهم وهم إخوانهم وأخواتهم الأشقاء؟ وكيف نقوي رابطة الحب بين أولادنا؟
أخطاء تربوية تسبب الأذى النفسي للأبناء
بداية، يوضح الدكتور والخبير التربوي محمد حسين رضوان أن عراك وشجار الأبناء يعتبره أغلب الأهل أمراً طبيعياً ولا يرون أي خطورة للتنمر الذي يمارسه أحد الإخوة على شقيقه أو شقيقته، في حين أن هذا الأمر يدمر نفسية الطفل الضحية ويتسبب له في كثير من الأذى ويعرضه للكثير من المشاكل النفسية والسلوكية مستقبلاً.
يقول «الطفل عموماً يشعر بما يخفيه أهله فمثلاً عندما يتنمر عليه أخوه وتحاول الأم التدخل وإصلاح العلاقة بينهما سوف يلاحظ أطفالها مدى تفضيلهم لأحد الإخوة على الآخر من خلال نظرتها أو استخفافها بالأمر أو تضخيمها له أو من خلال نظرتها ودفاعها عن أخيه أو رد فعلها الذي يكون في كثير من الأحوال أمراً عفوياً، لذلك على الأم والأهل عموماً مراعاة مشاعر أولادهم وعدم الاستهانة بها وعدم تجاوز أي إساءة تحدث لهم خاصة ولو كانت من أحد الأشقاء».
ويضيف «يجب على الأهل التشديد على الأبناء وعدم السماح لهم بتصعيد الشجار بينهم حتى يصل بهم إلى التنمر والشتائم وكذلك العنف الجسدي، فعندما ترتفع وتيرة الشجار بين الأبناء يجب أن يتم التدخل حتى لا يصل الأمر إلى ضرب وشتائم، وأفضل تدخل حينها هو إلزام كل واحد منهم بالدخول إلى غرفته وتأجيل مناقشة الأمر الجدلي بينهم إلى وقت آخر يكونون فيه أكثر هدوءاً وتقبلاً للنصيحة وتفهم الأمور».
أخطاء الأبوين يزرع التنمر بين الأشقاء
وحول أبرز الأخطاء التي تتسبب في حدوث التنمر الأخوي بين الأشقاء، يوضح الدكتور محمد رضوان:
كيف تتعامل الأم مع الإخوة المتنمرين؟
من جانبها تؤكد الدكتورة أسماء يوسف، الخبيرة التربوية واستشارية التنمية البشرية بالقاهرة، أن التنمر الأخوي يكون أحياناً بدون إدراك ووعي من الأخ المتنمر تجاه أخيه، فقد يعتبره نوعاً من المزاح معه أو رغبة في مضايقته فقط ولكنه للأسف يترك آثاراً سلبية عميقة وخطيرة وتستمر لفترة طويلة لأن هذا التنمر يكون مستمراً ولا يتوقف بخلاف تنمر الزملاء والأصدقاء الذي ينتهي بحلول الإجازة أو الخروج من المدرسة وقد ينتهى تماماً بمقاطعة المتنمرين والبعد عنهم، لكن التنمر الأخوي لا يتوقف حقاً بمعنى الكلمة!
وتحذر الدكتورة أسماء يوسف الأهل من خطورة تنمر الإخوة الذي يبدأ في شكل مزاح وضحك، لأن الأب والأم أحياناً لا يدركان خطورته وآثاره المتراكمة ويتعاملان معه على أنه «شقاوة أشقاء» على بعضهم. وترى أن الدور الحاسم هنا يكون للأم، ويكون هو الحل المناسب، فدرجة انتباه الأم لصغائر الأمور يكون له مفعول رئيسي في حماية الأخ الضحية.
وتشدد الخبيرة الأسرية على عدة أمور يجب على الأم وضعها في الاعتبار، وهي:
8 نصائح لأسرة بلا تنمر ولا ضغائن
وفي نفس السياق، تذكر الاستشارية الأسرية الدكتورة إيمان السيد، المتخصصة في علاج المشكلات الأسرية وتعديل السلوك، أن التنمر عندما يكون في محيط الأسرة يكون هو الأخطر والأكثر إيذاء نفسياً للأبناء سواء كانوا في مرحلة الطفولة أو في مرحلة المراهقة.
وتؤكد «كثير من الآباء والأمهات يعلمون أولادهم الكثير من الأمور ولكنهم يتغافلون عن تعليمهم كيف يتعاملون مع بعضهم بشكل لائق ليس فقط أمام الضيوف والغرباء ولكن الأهم هي التعاملات المستمرة فيما بينهم، خاصة أن هناك حقيقة يجب أن يعترف بها الجميع وهي أن الأبناء خلقوا في زمان غير زماننا وفي ظروف غير تلك التي مررنا بها، والأسوأ في هذا الجيل أن أبناء الـ «سوشيال ميديا» وجدوا ضالتهم في الانطواء والبحث عن الحلول الانتقامية تحت مساحات عقلية محدودة».
وتقدم الاستشارية الأسرية الدكتورة إيمان السيد نصائح وإرشادات للآباء والأمهات الذين يعانون هذه المشكلة بين أولادهم، ومنها: