سألت «كل الأسرة» خبراء العلاقات الأسرية وتعديل السلوك حول صدمات الحياة التي تحتاج الأم فيها إلى دعم الأبناء ومساعدتهم، وكيف يقدم الأبناء الدعم النفسي للأم في أوقات الأزمات، ومتى يجب على الأبناء التدخل لرفع المعاناة عن كاهل الأم، وما هي المواقف التي تسبب للأم معاناة نفسية خلال مشوارها في الحياة مع تربية الأبناء.
في المرض.. أشد الأوقات وأصعبها على الأم
في البداية، تؤكد الدكتورة أمل رضوان، استشاري الطب النفسي وتعديل السلوك بالقاهرة، أن حق الأم وواجبها علينا من أهم الواجبات وأولاها خاصة عندما تمر هذه الأم بأزمة صحية أو نفسية، وتقول «المرض من أكبر الأزمات التي قد لا تقوى الأم على تحملها وتجاوزها نفسياً وبدنياً. فالأم التي لا تقصر أبداً في حق أولادها حينما يمرضون وتسهر على راحتهم وخدمتهم بكل حب وإتقان وإخلاص وتفانٍ تكون أول من يقصر في حق نفسها عندما يهاجمها المرض، وربما في أحيان كثيرة تتجاهله من أجل استكمال مسيرتها مع الأبناء».
وتشدد الاستشارية النفسية على أن الدعم النفسي للأم المريضة خاصة إذا كان مرضها شديداً يكون أهم من العلاج:
وتحدد واجبات الأبناء تجاه الأم خاصة عندما تبلغ من العمر عتياً:
الدعم النفسي للأم في أوقات الأزمات
من جانبه ، يرى الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية والخبير الأسري الدكتور وليد هندي، أن الدعم النفسي يجب أن يكون أولاً من الزوج والأقارب، لأن الأبناء في السن الصغير لا يلتفتون دائماً إلى احتياجات الأم في هذه الزاوية وقد يظلون على جهل بالأمر حتى يصلوا لمرحلة الشباب وربما بعدها، خاصة عندما تكون الأم من النوع الذي لا يشكو إلا بعد أن يفيض به الكيل.
ويلفت إلى أن أوقات الشدة والمرض هي بالأساس لحظات عصيبة تحتاج فيها الأم إلى ذلك الرصيد الكبير الذي زرعته في أبنائها وادخرته ليوم كهذا، وكم من أم تدهورت حالتها ليس فقط من جراء المرض، لكن بسبب تخلي أبناؤها عنها في اللحظات الصعبة، وكم من أمهات أخريات كن في سند أبنائهن ودعمهم لهن خير عون وأسرع سبيل للعلاج وأقوى دافع لكي لا يستسلمن للمرض فينهش جسدهن الضعيف.
ويطالب د. هندي، الأبناء بتقدير ظروف الأم ونفسيتها في أوقات الأزمات من خلال هذه الخطوات:
بعد الطلاق.. الأم بحاجة إلى سند وحب
أما الدكتورة ياسمين محمد المهدي، استشاري التربية الإيجابية وتعديل السلوك بالقاهرة، فتؤكد هي الأخرى أن المرض ليس وحده ما يعبر عن الأوقات العصيبة التي قد تحتاج فيها الأم إلى الدعم النفسي، لكن قد يكون من قدر الزوجة والأبناء وقوع الطلاق وحينها يحتاج الأبناء للأم التي تحتويهم وتخفف عنهم آثار غياب الأب، وكذلك الأم تحتاج من الأبناء أن يكونوا خير عون ومهون للأيام الصعبة التي تعيشها بعد الانفصال وتخلي شريك الحياة عنها في منتصف الطريق.
وهنا لن يخفف عنها خيبة الأمل سوى الأبناء الذين يجب عليهم التكاتف بجوار الأم وتخفيف من وطأة الأمر عليها وتهوين ما قد يؤلمها بسبب اهتزاز ثقتها في نفسها.
وتشير الدكتورة ياسمين المهدي، إلى أن معاملة الأبناء للآباء يكون حصيلة طبيعية لما تربوا عليه، فلا ننتظر مثلاً دعماً وبراً من ابن أو ابنة لم يتربوا على الوازع الديني ولم يتعلموا بر الوالدين منذ الصغر، فالتربية ليست مجرد توفير للمأكل والمشرب والمستوى الاجتماعي الجيد، لكنها أيضاً يجب أن تكون بتعليم الأبناء العطاء والوفاء والبر وصلة الرحم والتركيز على الجانب المعنوي والنفسي في تكوين شخصياتهم.
فقدان الشريك أكثر أوقات الأم ضعفاً
ومن جانبه، يوضح الدكتور إيهاب ماجد، استشاري الصحة النفسية والعلاج الأسري والتربوي للأطفال والمراهقين بالقاهرة، أن من أكثر الأوقات التي تحتاج فيها الأم إلى الدعم النفسي والمعنوي من الأبناء ومن كل المقربين منها عندما تفقد شريك حياتها وسندها في الحياة، ويؤكد «في هذا التوقيت تحديداً تكون الأم في أسوأ مراحل ضعفها ولن يعوض غياب الزوج سوى حنان الأبناء واحتوائهم لها، فهذا هو عزاؤها الوحيد الذي قد يحميها ويقيها من الاكتئاب حتى تتخطى أزمتها النفسية والتي قد تستمر معها بقية عمرها».
ويلفت د. إيهاب ماجد إلى أن من أعظم أنواع البر والوفاء للأم هو الوقوف إلى جوارها، ودائماً ما يكون وقع الصدمة على الزوجة وكيفية تحملها لها يتوقف على طبيعة علاقتها بالأبناء ومدى وقوفهم إلى جوارها ومتى تعويضهم لها وجدانياً وعاطفياً.
وعلى الرغم من أن الأبناء يكونون أيضاً في حاجة إلى من يدعمهم نفسياً في حالة فقدان الأب، فإن تكاتفهم مع الأم وحسن رعايتهم لها يحقق لهم هم أيضاً الدعم النفسي والمعنوي ويعوضهم عن فقدان السند، بقربهم من الأم.