06 يونيو 2022

كيف نصحح أخطاءنا التربوية و نحسن علاقتنا مع أبنائنا؟

محررة في مجلة كل الأسرة

كيف نصحح أخطائنا التربوية و نحسن علاقتنا مع أبنائنا؟

لا تخلو العلاقة مع أبنائنا من محطات تشنج أو «اضطرابات» قد تأخذ منحى خطيراً في حال عدم تفاديها أو محاولة احتوائها بالشكل الأنسب.

ولكن «كيف نرمّم علاقاتنا مع أبنائنا؟ وما هي الاستراتيجية الأمثل لتواصل فاعل بين الطرفين وتجنب «مدمرات«العلاقة؟».

تجيبنا ميساء الشحادات، مدربة واستشارية أسرية – مركز مودة الأسري، جمعية أم المؤمنين، عن هذه الأسئلة، موضحة أسس العلاقة الصحيحة، مروراً بـ«مدمّرات» العلاقة ووسائل ترميمها في جو من الإيجابية والتفاهم.

تعتمد أسس العلاقة الصحيحة مع الأبناء على 4 أركان:

  •  التقبل: أتقبل ابني بكل ما فيه وأفصل سلوكه عن تقبله حيث يمكن نقاش بعض تصرفاته، بعيداً عن إشعاره بأي شيء من عدم التقبل.
  • التواصل الفعال: يتّم ذلك بالحوار وتفهم ما يريد ابني وتفهم احتياجاته وإفساح المجال أمامه للتعبير عن هذا الاحتياج ضمن ما يسّمى بـ«المساحة الآمنة»، بعيداً عن التحكم بالابن. يجب أن يكون الأهل واعين للغة التواصل بحيث تكون هناك مساحة من الحرية مقابل مساحة من التدخل ويعتمد التواصل على لغة الجسد بنسبة 55 % وتستحوذ نبرة الصوت على 38 % مقابل 7 % فقط من الأهمية للكلمات، توضح الشحادات «من خلال تواصلنا واقعياً، نعتمد على الكلمات ونغفل أهمية لغة الجسد ونبرة الصوت لإيصال الرسالة بشكل أكثر فاعلية».
  • تفهم مشاعر الابن: هذه الخطوة يكون لها دور في بناء علاقة سليمة مع أبنائنا حيث لا أركز على السلوك قبل أن أبحث عن الدافع لهذا السلوك.
  • القدوة الحسنة: يجب أن يكون الأهل قدوة والمثال لأبنائهم بحيث تتوافق سلوكياتهم مع أقوالهم، وإلا لن يصدق الابن شيئاً من رسالتنا له إذ يردد «يا والداي، إن أصوات أفعالكما أعلى بكثير من أصوات أقوالكما».

كيف نصحح أخطائنا التربوية و نحسن علاقتنا مع أبنائنا؟

خطوات ترميم وتصحيح العلاقة مع أبنائنا

تتوقف الشحادات عند خطوات «استراتيجية» لترميم العلاقة مع أبنائنا أو ما يشبه خطة عمل منهجية:

  • الفصل بين شخصيته وسلوكه وبين ما يرغب به الطفل والصورة المثالية التي نرسمها عنه كأهل.
  • تعزيز الإيجابيات والتركيز عليها وعدم محاولة «نحته» كما يريد الأهل بل تقبل ميوله وتنميتها.
  • التركيز على الرسائل التي أبعثها لابني عبر لغة الجسد وإشعاره بالاحتواء والتفهم.
  • التركيز على احتياجات الابن لأكون معه «على الموجة نفسها» وتوصيل رسالة له «أنا معك وسند لك».
  • تدوين الإيجابيات التي تعجبني بشخصية طفلي لتبقى حاضرة في ذهني من منطلق «أن ما تركز عليه تحصل عليه، أحب روحك الجميلة، يعجبني ترتيبك لغرفتك» وغيرها من عبارات التشجيع.
  • التواصل الفعال بالتركيز على السلوك وعلى الجهد المبذول بحيث تبدي الأم سعادتها تجاه أي جهد يبذله الطفل لتحقيق هدف أو تغيير عادة وتفادي التركيز على صفاته لتجنب النرجسية وتضخم الذات لديه.
  • مراقبة نفسي ولغة جسدي وردود أفعالي والوعي بذاتي لتعزيز الاستجابة واستعادة الثقة في العلاقة مع ابني وبناء مسار عصبي جديد يعزز عادات جديدة وسياقاً آخر من التعامل.
  • أسلوب الاعتذار: ليس من الخطأ أن يعمد الأهل إلى الاعتذار في حال تلمس خطأ في التعامل مع الابن والجلوس معه وطمأنته عبر احتضانه وهو (أي الحضن) يعبّر عن لغة صادقة للطفل، «ماما أنا آسفة لأنك تستحق معاملة أفضل».
  • إفهام الطفل أننا صادقون في مسارنا الجديد لجني ثمار العلاقة المتجددة معه على أسس راسخة والاستمرار في هذا المسار والتركيز على ذواتنا والوعي بها وعدم التوقف وترداد «لا فائدة» وإعطاء مهلة 3 شهور لحصد ثمار الصدق في تحسين العلاقة، لكون عندما نختار استجاباتنا، ننظر إلى الهدف».
  • كن على علم أن ما تركز عليه تحصل عليه بقوة والله سبحانه وتعالى يأخذ بيدك وهو مليّن القلوب.
  • الابتعاد عن الاستفزاز واختيار الاستجابة المناسبة للموقف.
  • الدعاء للأبناء دعاء المتوكل وليس دعاء المتواكل.

هل يمكن تدارك أخطائنا التربوية؟

كيف نصحح أخطائنا التربوية و نحسن علاقتنا مع أبنائنا؟

تؤكد الأخصائية ميساء الشحادات أن غياب هذه الأسس يخرب العلاقة، «الخلل في أي ركن يحدث فجوة ويضيق مجرى شريان العلاقة، وقناة التواصل مع أبنائنا يجب أن تبنى على الشفافية والوضوح».

هذه الأفعال تدمر العلاقة مع الأبناء

توضح الأخصائية ميساء الشحادات مدمرات العلاقة مع الأبناء:

  • النقد
  • المقارنة
  • الازدواجية في التعامل
  • الضرب
  • الإهانة
  • الصراخ

تقول "مدمّرات العلاقة تترك ندوباً وتبلور بوادر الانسداد والتجلط في العلاقة، وتتجلى أكثر في مرحلة المراهقة حيث البعض من الأهالي يحاول تشكيل شخصية الطفل حسب الصورة الذهنية التي يرسمونها منذ البداية".

الكثير من التصادمات المبنية على النقد والمقارنة وغيرها من المدمرات تنتج آثاراً سلبية «ثمة أولياء أمور يسألونني: هل يمكن استدراك أخطائي التربوية وتدارك ما كسرناه من شخصيات أبنائنا وتقبل سلبياتهم؟، في هذه الحالة، ما يمكن فهمه أن الأبناء ينشدون التقبل والرضا ويكبر الابن ويحاول أن يرى نفسه في عيون الأهل ومن الصعب معايشته لإحساس الرفض حيث يشعر بالخيبة عندما لا يحقق توقعات الأهل وأي محاولة لإشعاره أنّه مقبول سيتلقاها بتعطش وسيبني عليها عادة جديدة».

ثمة علاقات لا فرصة فيها للترميم تترك ندوباً من الصعب ترميمها «بعض الحالات وصلت إلى حد تحرش أب بابنته لدرجة تنظر له كـ «وحش» ولا تشعر بالأمان معه، وحالات أخرى لضرب وصل للإيذاء الجسدي والتكبيل والحرق بأعقاب السجائر وحالات كثيرة تجسد عدوانية شديدة على الأطفال».