لم يعد مشهد الأمهات الأليفات الهادئات في المنزل مشهداً شائعاً بعد أن بدأ نظام «التعليم عن بعد» يترك تداعياته على أعصاب الأمهات اللواتي بتن أسيرات الضغط اليومي لمتابعة أبنائهن والإشراف على أدائهم الدراسي ومدى استيعابهم للدروس «عن بعد»، ناهيك عن التزامات المذاكرة ومتابعة إرسال الواجبات عبر العمل على أكثر من خاصية وتوفير المستلزمات الدراسية لبعض الأنشطة الترفيهية (في مراحل الروضة).
من خلال الاستشارات التي تردها، تلمست همسة يونس، مستشارة تربوية ومرشدة أسرية واجتماعية، حالة التوتر العالية التي تعيشها الأمهات مع أبنائهن في عملية التعلم عن بعد في مختلف المراحل الدراسية وعلى الأخص مرحلة رياض الأطفال والمرحلة التأسيسية.
تروي يونس «إحدى الأمهات تشعر بأنها تتحول إلى وحش أثناء عملية التعلم عن بعد مع ثلاثة أطفال، فهم ينتهزون فرصة انشغالها عنهم ولو لدقائق ليغادروا شاشات الحاسوب الآلي أثناء الحصة ويسترقوا لحظات من اللعب، وما إن تراهم يلعبون غير مبالين بالحصة الإلكترونية تصاب بالجنون وتبدأ بالصراخ طالبةً منهم الالتزام بمتابعة الحصص والانتباه للدروس».
وتضيف«أمهات أخريات يعانين ضغوط متابعة الواجبات المطلوبة من أبنائهن إضافةً لعبء المذاكرة اليومية، في وقت تضطر إحداهن إلى اصطحاب طفلتها معها إلى مقر عملها لتتمكن من متابعة الحصص معها إذ إن طفلتها لا تلتزم بالحضور والانتباه في غيابها، مما يشكل عبئاً كبيراً عليها ما بين التزامات العمل ومتابعة الحصص معها، وهذا يجعلها في حالة غليان مستمرة فتمارس الصراخ والضرب تحت وطأة هذا الضغط النفسي».
تلفت يونس إلى «أن الغضب والتوتر لا يساعدان الأم وطفلها مطلقاً، بل يشكلان عائقاً كبيراً يعطل استيعابه وتركيزه ويخفض دافعيته للتعلم، إلى جانب اضطرار الأم لاستخدام العنف اللفظي والجسدي»، مشددة على افتقار عملية التعلم عن بعد لوجود رابط البيئة الصفية الحقيقية وما يتعلق بها من وسائط ومصادر تعليمية جذابة لالتزام الطالب بالحصة الدراسية والتفاعل معها.
تحاول الأم القفز على توترها عبر إتاحة الفرصة أمام طفليها لركوب الدراجة أو السباحة من باب انخراطهما في المذاكرة بنفس جديد، وتورد بعفوية «نبدأ «الخناقات» والتسميع ومراجعة الواجبات و بالرغم أنهما بالمرحلة الدراسية نفسها، إلا أنه يجب أن أجلس مع كل منهما على حدة وشرح الدرس تبعاً لمعلم الصف».
كيف ننقذ الأمهات من الضغوط النفسية للتعليم عن بعد ؟