تحديات كثيرة تقف أمامها الأسرة مع استفحال أزمة فيروس كورونا المستجد ووجود أفراد العائلة لفترة طويلة في حجر منزلي قد يطول لأسابيع. هذه الضغوط في تحقيق التوازن بين المنزل والعمل من المنزل وإدارة أنشطة الأبناء ومتابعة خاصية التعلم عن بعد كما إيلاء الزوج الاهتمام، كل تلك الضغوط تتطلب منا «إدارة مدروسة للأزمات الأسرية سواء على مستويي مهارات التعامل مع الأبناء أو العلاقة الزوجية.
تقدم لنا ميساء عايش الشحادات، المدربة المعتمدة والمستشارة الأسرية في مركز «إتش دي تي سي» للتدريب والاستشارات، ٥ أفكار عملية لإدارة أزمتنا الراهنة.
تفهم الأبناء
في البداية، لا بد من تفهم الأبناء وهذا يكون عبر خطوات أبرزها:
ففي حال وجه أحد الأبناء سؤالاً حول ما يحصل من أحداث تتعلق بكورونا، لا يمكن إجابته بـ «لا تخف ليس هنالك شيء» لكون تلك الإجابة تصادر مشاعره، بل من الواجب أن نسأله ونستفسر ونقف على مشاعره وتلبية احتياجاته وتحقيق التوازن بين الاحتياجات العاطفية، الجسدية والعقلية وحتى الروحية.
وهناك تمرين يحاكي هذه الاحتياجات عبر الطلب من أبنائنا وضع أولويات وترتيبها على صعيد علاقتهم بالله سبحانه وتعالى، علاقتهم بأصدقائهم، علاقتهم بأنفسهم وعلاقتهم بوسائل التواصل الاجتماعي، ومن هذا المنظور، يمكن مواكبة احتياجات الأبناء وحتى سد الثغرات القائمة في هذا الشأن.
عدم إغفال الشجار بين الأبناء
في هذا الوقت تحديداً، لا يمكن إغفال الشجار بين الأبناء بل لا بد من استثمار هذا الشجار ضمن مهارات التواصل مع الأبناء وزرع القيم كأن أحاول تهدئة طفلي وسؤاله عن السبب الذي دفعه إلى أخذ اللعبة من أخته ودون إذنها وحتى عن سبب شعوره بالغضب، مما يمكنني من الوقوف على مشاعره كما تزويده بقيم احترام ملكية الآخر وتنمية مهاراته في التعبير عن مشاعره بالكلام.
وهنا، لا بد من التنبه لنقطة جوهرية وهي عندما نتكلم مع أطفالنا لإقناعهم، لا بد من محاكاتهم عاطفياً كما مخاطبتهم تبعاً لمراحلهم العمرية وإفهامهم أننا في جبهة واحدة ولسنا في مواجهة بعضنا البعض، مع رفدهم بحس المسؤولية سواء في مواجهة المشكلات مع إخوتهم أو حتى ضمن محيطهم المدرسي ومجتمعهم الأكبر
تزويد الأطفال بصندوق محاربة الضجر
في هذا الوضع، من الممتع أن نزود أطفالنا بصندوق محاربة الضجر أو الملل بحيث يحتوي على كل الأدوات والألعاب التي يمكن أن يمارسوها من صلصال، تركيب، بازل، مشاهدة فيلم، موسيقى وحتى أدوات رياضية لإتاحة كل الخيارات أمامهم وتعزيز مهاراتهم في التفاوض والإقناع في حال كان النشاط جماعياً.
التوافق الزوجي
كلا الطرفين يعاني الضغط، بيد أنّ تعبير المرأة عن الضغط يختلف عن الرجل. فالمرأة تعبر عن الضغوط بالحديث عن مشاعرها في حين يصمت الرجل، محاولاً ترتيب عالمه الداخلي بعيداً عن المؤثرات الخارجية، فالزوج يرى أنّ الزوجة لا تراعي صمته والزوجة لا ترغب أن يجد الزوج حلاً لهواجسها، بقدر ما تسعى إلى أن يحتوي مشاعرها.
والسبيل إلى ذلك يكون عبر مثلث التوافق الزوجي: «أن أفهم ذاتي، وأرسل رسالة واضحة وصريحة عما أريده من الشريك، ورسالة «الأنا السحرية» في التعبير عن مشاعري، بما يقود الطرف الآخر إلى مراعاة مشاعري بدل أن يقوم بردة فعل دفاعية عن نفسه.
بيد أن السبيل الأجدى لتحقيق توازن على صعيد العلاقة مع الأبناء وعلى مستوى العلاقة مع الزوج هو «الوعي بالمشاعر»: فمن الضروري الفصل بين مصدر الضغوط وعلاقتي مع شريكي ومع الأبناء حيث الكثير من الأزواج ينفسون غضبهم في أبنائهم كـ «مكب لنفاياتهم النفسية».
أخيرًا، الهدوء والسلام الداخلي أولوية وهو المنطلق للتعامل مع المشكلات والضغوط، ومع إدراك كل طرف لمسؤولياته وحتى تقاسم بعض المهام مع الأبناء يمكننا النجاح في إدارة الأزمة سواء الراهنة أو حتى أي أزمة لاحقة.