5 سبتمبر 2023

الأجهزة الإلكترونية في التعليم.. ضرورة لا تخلو من "المخاطرة"

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

الأجهزة الإلكترونية في التعليم.. ضرورة لا تخلو من "المخاطرة"

أصبحت الأجهزة الإلكترونية في المدرسة أداة مهمة في العملية التعليمية ومساعدة الطلاب في الوصول إلى مصادر المعرفة والمعلومات بسهولة ويسر، إلا أن الاستخدام غير الصحيح لها يمكن أن ينعكس بشكل سلبي على الصحة النفسية والجسدية للطلاب. وبين إيجابيات التعليم الإلكتروني وسلبياته..

طرحت «كل الأسرة» الموضوع على أخصائي التربية والصحة النفسية والبدنية لمعرفة سبل الاستخدام الأمثل لها ودور كل من الأسرة والمدرسة في ذلك:

د. أسماء ادلبي
د. أسماء ادلبي

أبعاد إيجابية للتعليم الإلكتروني

لا يمكن تجاوز أهمية وجود التكنولوجيا مع التطور الهائل الذي يشهده العالم كوسيلة للاتصال والتواصل وتقريب المسافات وسرعة الوصول للمعلومة في مجالات مختلفة منها التعليم بكل ما تحمله من إيجابيات وسلبيات، وفي هذا الصدد تكشف دكتورة القياس والتقويم التربوي والنفسي..

استشارية تعديل السلوك وإدارة مواهب الأطفال مدير ومؤسس مركز أفق الإبداع للتعليم وتنمية المهارات أسماء نزار ادلبي، أبعاد التعليم الإلكتروني الإيجابية، وكيفية الاستفادة من الإنترنت والأجهزة الذكية في نقل المعرفة والمحتوى التعليمي إلى الطلاب بصورة رقمية:

  • تعاون عالمي والتواصل بضغطة زر: يسمح التعليم الإلكتروني للطلاب من مختلف البلدان بالوصول إلى المحتوى التعليمي والمدرسين من جميع أنحاء العالم، والتواصل والتعاون مع زملاء دراسة من ثقافات مختلفة، مما يثري تجربة التعلم الخاصة بهم.
  • التعليم الشخصي: استخدام تقنيات التعلم الذكي والتحليلات لتخصيص تجربة تعلم بما يتواءم مع احتياجات كل طالب.
  • المرونة والوقت: يتيح التعليم الإلكتروني للطلاب المرونة في تنظيم أوقات دراستهم، إضافة إلى إمكانية العمل على موادهم التعليمية في أي وقت يرونه مناسباً، ما يسمح لهم بتحديد وتخطيط وقتهم بفاعلية أكبر.
  • تفاعل وتجربة تعليمية متميزة: يمكن استخدام التكنولوجيا الحديثة في تصميم مواد تعليمية تفاعلية وجذابة لشد انتباه الطلاب وتعزز تجربتهم التعليمية، بما يعزز عملية التعلم وفهم المفاهيم بشكل أفضل.
  • الارتقاء بالعملية التعليمية وجعل عملية التعلم أكثر كفاءة: يتيح استخدام التكنولوجيا والتقنيات التعليمية الحديثة، التي توفر العديد من الموارد التعليمية المتنوعة، سهولة وصول الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة للمعلومة في عملية التعلم.
  • مراقبة أداء الطلاب وقياس تقدمهم العلمي: يساعد توظيف التكنولوجيا في العملية التعليمية الإداريين والمعلمين في إعداد قوائم المعدلات للطلاب، وإجراء الاختبارات الإلكترونية السريعة، إضافة إلى إنشاء مجموعات إلكترونية للمناقشة مع الطلاب والإجابة عن أسئلتهم ومعرفة الفروق الفردية بينهم.
  • تبسيط عملية التعلم: يمكن أن تسهم التكنولوجيا في التعليم على إثراء التجارب التفاعلية للطلاب بالسماح لهم بالدخول في عوالم الميتافيرس لاكتشاف مفاهيم معقدة بطرق تفاعلية، على سبيل المثال، يمكن لطلاب الفيزياء استخدام محاكاة ميتافيرس في جسد الظواهر الفيزيائية بشكل واقعي لفهمها بشكل أفضل.
  • تدريب عملي: يساعد استخدام الميتافيرس الطلاب من الحصول على تدريب عملي واكتساب مهارات معينة، منها تدريب الطلاب على كيفية إجراء عمليات جراحية معقدة باستخدام محاكاة ميتافيرس ما يبسط شرح المعلومات للطلاب وترسيخها في أذهانهم ويزيد من حجم التفاعل والإنتاجية في التعليم.

الأجهزة الإلكترونية في التعليم.. ضرورة لا تخلو من "المخاطرة"

سلبيات دمج التكنولوجيا في التعليم

مع الفوائد الكثيرة التي يمكن أن توفرها التكنولوجيا المتطورة في مجال التعلم، تؤشر د. ادلبي بعض أبعادها السلبية على الطلاب:

  • اجتماعية وعاطفية: يمكن أن يؤدي التعليم الإلكتروني إلى عزل الطلاب وقلة التواصل الاجتماعي مع الآخرين، ما يؤثر سلباً في صحتهم العاطفية والنفسية.
  • الانحياز التكنولوجي: يمكن أن يتسبب صعوبة وصول بعض الطلاب إلى التكنولوجيا بشكل متساو مع أقرانهم على وجود فجوة تعيق التكافؤ والحصول على الفرص التعليمية بشكل عادل.
  • تحديات الانتباه والتركيز: يمكن أن تشكل الأجهزة الإلكترونية والتكنولوجيا تحدياً بالنسبة للطلاب فيما يتعلق بالانتباه والتركيز، والقدرة على الفصل بين استخدامها للتعليم وللترفيه.
  • الاستيعاب والفهم: أثبتت الدراسة أن مدى استيعاب الطلاب يقل عند التعلم عبر وسائل إلكترونية ويزيد مع الوسائل المطبوعة. فالاستيعاب يزيد عند قراءة صفحات حقيقة وتقل عند المرور على النص الإلكتروني، فتدفق النص يعرقل الانتباه البصري ويفقد القارئ مكان القراءة.
  • إرهاق العين: على الرغم من الميزات الحالية التي توفرها التكنولوجيا ما زال إرهاق الأعين هو الإحساس الذي ينتاب القارئ عند القراءة نتيجة النظر في الشاشات الإلكترونية.

الأجهزة الإلكترونية في التعليم.. ضرورة لا تخلو من "المخاطرة"

للحد من سلبيات التعلم الإلكتروني، تتوقف د. ادلبي عند دور كل من الأهل والمدرسة في توجه الأطفال للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة والتطورات التقنية المستخدمة في التعليم:

  • واجبات الأهل: تقع مسؤولية توجيه الأطفال للتعامل الأمثل مع أجهزة التابلت وتحديد طرق الاستخدام الصحيح بشكل مناسب على عاتق الأهل بشكل رئيسي.
  • واجبات الكادر التعليمي: وضع حدود زمنية لاستخدام الأجهزة اللوحية في المدرسة والتأكد من عدم تأثيرها في الأنشطة الخارجية والتفاعل الاجتماعي ومراعاة توافق الحلول التكنولوجية مع أهداف التعليم واحتياجات الطلاب والمعلمين.
  • واجبات مشتركة: تقع على الأهل والمدرسة مسؤولية تشجيع الأطفال على تعزيز التواصل الاجتماعي مع أقرانهم وأفراد العائلة بصورة متوازنة لتجنب العزلة الرقمية التي يمكن أن يسببها استخدام التكنولوجيا.

د. زينب الجمالي
د. زينب الجمالي

صعوبات النطق والسمع والاستيعاب

على الصعيد الصحي، توضح الدكتورة زينب كامل الجمالي، طبيب عام من مستشفى الإمارات التخصصي، «لا يمكن تجاوز وجود التكنولوجيا كجزء مهم من حياتنا اليومية وصعوبة الاستغناء عنها، لكنها وبلا شك لها تأثيرات سلبية في الأطفال بشكل خاص على الرغم من أهميتها في تعزيز عملية التعلم»، وعن أهم المخاطر الصحية التي يمكن تفرز عن استخدام الأجهزة الإلكترونية، تقول «أثبتت العديد من الدراسات التأثير السلبي لاستخدام الأجهزة الإلكترونية على سيكولوجية الطفل ونموه العقلي للأعمار الأقل من خمسة أعوام، من حيث التواصل والتفاعل مع المحيط الاجتماعي ومدى استيعابه، وهذا ما تكشفه العوارض الصحية التي يعانيها الأطفال الذين يتعرضون لتكنولوجيا الأجهزة الإلكترونية من بطء النطق وصعوبات على مستوى السمع والاستيعاب واتباع الأوامر وغياب التفاعل مع الأطفال مقارنة بالأطفال في الزمن الماضي الذين امتازوا بقدرة كبيرة على التواصل مع المحيط».

الأجهزة الإلكترونية في التعليم.. ضرورة لا تخلو من "المخاطرة"

الاستخدام الآمن للأجهزة الإلكترونية

وفيما يتعلق بالاستخدام الآمن للأجهزة الإلكترونية من قبل الأطفال، فقد وضحت د. زينب الجمالي الدراسات جملة من النقاط:

  • يمنع تعريض الطفل الأقل من 18 شهراً للشاشات ويسمح لهم بالتواصل عبر الفيديو.
  • يسمح للطفل من عمر 18 إلى 24 شهر بمتابعة البرامج التعليمية الموجودة على اليوتيوب على أن تكون مراقبة من قبل الأهل أو الشخص المسؤول عن رعاية الطفل.
  • يمكن للطفل من عمر سنتين وحتى خمسة أعوام استخدام التكنولوجيا لمدة ساعة باليوم تحت مراقبة الأهل.

توضح د. الجمالي الأبعاد الصحية لاستخدام الطفل الأجهزة الإلكترونية:

  • تؤثر في صحة العين، من ناحية إصابتها بالإجهاد وبعض المشكلات ومنها قصر النظر.
  • الإصابة بالأرق واضطرابات النوم، نتيجة التعرض لإشعاعات الأجهزة الإلكترونية.
  • الإصابة بالسمنة الناجمة عن قلة الحركة.
  • مشاكل العمود الفقري والرقبة نتيجة الجلوس بطريقة غير صحيحة.
  • الإصابة بالصداع النصفي نتيجة الاستخدام المفرط لها.

د. عبد السلام حكيم
د. عبد السلام حكيم

أمراض نفسية وردود فعل عكسية

وعلى الصعيد النفسي، يوضح الدكتور عبد السلام حكيم، أخصائي الصحة النفسية «ظهر استخدام الأجهزة الإلكترونية بشكل كبير في حياتنا اليومية خلال السنوات العشر الماضية، وبدا الاستخدام الشاشات أكثر تزايداً خلال جائحة «كورونا» بسبب العزلة والقيود التي فرضت على جميع مناح الحياة ومنها التعليم، ومع الفائدة التي حققتها التكنولوجيا لتجاوز الأزمة إلا أن الأمر لم يخلو من بعض المخاطر بسبب الاستخدام غير المدروس وخاصة فيما يتعلق باستخدامها من قبل طلاب المدارس. وقد أشارت معظم الأبحاث التي أجريت أثناء الجائحة أن استخدام الشاشات لوقت طويل يؤثر في الصحة العقلية للأطفال ويسبب ومشاكل سلوكية لدى المراهقين».

الأجهزة الإلكترونية في التعليم.. ضرورة لا تخلو من "المخاطرة"

يكشف د. حكيم الأسباب «يعزز استخدام هذه الأجهزة حالة الانعزالية لدى الأطفال، خاصة الذين يفتقدوا المهارات الاجتماعية، وبالتالي يمكن أن تتحول لأمراض نفسية كالقلق والتوتر والاكتئاب. وعند البعض الآخر يمكن أن تتطور هذه الأمراض وتكون سبباً للتبول اللاإرادي أو الإصابة برد فعل عكسي يمنعه من الظهور من المنزل وممارسة حياته اليومية».

في المقابل، يشير د. حكيم إلى الإيجابيات الكبيرة التي يمكن أن تنعكس على الطلاب فيما لو تم التعامل معها بشكل صحيح «لا يمكن تجاهل الفائدة من استخدام الطلبة للتكنولوجيا في العملية التعليمية على أن يتم تحديد وقت، فقد أثبتت الدراسات أن المشاكل النفسية والعقلية التي يمكن أن يصاب بها المراهقون تحديداً ترتبط بشكل كبير بالغرض من استخدام الشاشة أو الإنترنت، كما كشفت دراسة أخرى أجرتها جامعة ويسترن أمكانية مساعدة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الأشخاص المصابين بالتوحد من التخلص من القلق الذي ينتابهم».

 

مقالات ذات صلة