29 مايو 2023

محمد رضا يكتب: دعوات

ناقد ومؤرخ سينمائي

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

محمد رضا يكتب: دعوات

  • فوجئت الرئيسة الأجنبية لمهرجان عربي سابق بي وهي تسلم على المدعوين. كانت تعلم أنني لست مدعواً، فكيف إذا وجدتني بين المدعوين لتلك الدورة؟ من دفع ثمن التذكرة من لوس أنجلوس ووضعني في فندق خمس نجوم؟.
  • تغلبت على الدهشة التي انتابتها وأكملت مصافحتها للباقين. لم أرها بعد ذلك ولا هي رأتني. كانت تلك الدورة ما قبل الأخيرة لها. أنا واثق من أنها لم تعد تتذكر شيئاً لا عني ولا عن سواي.
  • في العام الماضي وصلتني دعوة من خارج طاقم أحد المهرجانات العربية. لم أطلبها لكني سئلت: لماذا لن أحضر؟ قلت: إنني لست مدعواً.. «كيف؟»، قلت: «الجواب عندكم وليس عندي». بعد أيام وصلتني الدعوة.
  • فوجئت بي كذلك الملحقة الصحفية التي كانت تواصلت معي لتخبرني أنني أغضبت مسؤولة ما فشطبتني من القائمة. التفت الملحقة على المفاجأة بالتأكيد على أنها هي من أرسلت الدعوة. قلت لها لا.
  • الملحق الصحفي للمهرجان هو عماد مهم في المهرجانات الغربية المهمة أو الكبيرة. وهذه لا واسطات فيها ولا اتصالات خارجية وبالتالي لا مفاجآت. مثلاً، لم أذهب لمهرجان برلين منذ 2020، لكني ما زلت تلقائياً ومن دون طلب مني أستلم الدعوة للحضور مزينة بعشرة أيام. التذكرة على حسابي. انتهى الأمر.
  • في مهرجان «كان» تمتعت الملحقة الصحفية كرستين إيمي بخمس وعشرين سنة من العمل المتواصل في خدمة المهرجان وخدمة الصحافة. في كل حقل عمل هناك مشاكل بلا ريب، لكن نجاحها كان مشهوداً خصوصاً وأن عليها (كما على الملحقة الصحفية الحالية) إدارة شؤون نحو 4000 صحفي (وليس مئتين أو ثلاثة). وكانت تفعل ذلك بدقة.
  • قبلها قامت لويزيت فارجت باعتلاء هذه المهمة من مطلع الخمسينات وحتى سنة 1993 عندما استلمت السيدة أيمي المنصب. أيام السيدة فارجت لم يكن عدد المدعوين من الصحفيين يزيد على بضعة عشرات من الإعلاميين. بعد سنوات قليلة من استلامها مهامها ارتفع العدد إلى ألف ناقد وصحفي.
  • حين تركت فارجت (وقيل إنها أقيلت) استعان بها مهرجان سان سابستيان الإسباني وعينها في المنصب ذاته برغبة رفع مستوى الإقبال الإعلامي عليه. وهي جهدت في سبيل ذلك قبل أن تتقاعد بعد سنوات قليلة. مع استلام كرستين أيمي المهام ارتفع عدد نساء ورجال الإعلام الوافدين كل سنة إلى الرقم الذي ذكرته آنفاً. وكان من مهامها الأصعب تنظيم العروض لتلبية هذا العدد الكبير من الوافدين وتنظيمهم هم أيضاً.
  • للأسف، عند العديد من المهرجانات العربية هناك مشكلة الشللية. أنت ملحق صحفي في مهرجان ما، لديك قائمتان: واحدة عامة والأخرى في البال لمن تود استضافتهم. تلغي الأولى وتنفذ الثانية لأن هناك صداقة ومعايير أخرى تتحكم فيك.
  • حين كنت شاباً صغيراً سعيت لطلب الدعوات وغالباً ما نلتها من مجموعة كبيرة من المهرجانات بما فيها الأميركية. بعد حين بلغ بي الشغف بأني إذا لم أستلم دعوة (أو ربما تأخرت في طلبها) أدفع من جيبي لكي أكون هناك. ومنذ أكثر من عشرين سنة لم أطلب دعوة من أحد. لسان حالي: أنا موجود والاتصال بي سهل. من يريد أن يبحث عني سيجدني.

 

مقالات ذات صلة