حافظ معرض أبو ظبي للكتاب بدورته الثانية والثلاثين، المقامة في مركز أبو ظبي للمعارض للفترة من 22 وحتى 28 من مايو، على مكانته كنافذة للعلم والمعرفة يمكن أن يصل لها أكبر شريحة من القراء، بمشاركة نخبة من الأدباء والمثقفين والفنانين وعرض إصدارات ومقتنيات نادرة وتقديم الكثير من الورش والندوات والفعاليات التي تعزز من سبل التبادل الفكري والمعرفي.
شهدت الدورة تواقيع لعدد كبير من الكتاب اليافعين والبالغين ومشاركة بارزة وكبيرة من دور النشر الإماراتية التي وصل عددها ما يقارب 330 دار، قدمت وجوه متنوعة من الثقافة وفنون الإبداع الكتابية من أدب ورواية، وشعر وكتب تاريخية وأكاديمية، وكتب تنمية بشرية وأخرى مترجمة، وقصص للأطفال حرصاً على ترسيخ تواجدهم في هذا المحفل والوصول لأكبر شريحة من القراء، كما كانت الكتب والمنصات الرياضية حاضرة وبقوة لتستحوذ على اهتمام عدد غير قليل من دور النشر في هذه الدورة.
وفر المعرض مجموعة عناوين لإصدارات قديمة جمعها الباحث في التأريخ والعمارة الإماراتية الدكتور محمد المنصوري لكتاب من جنسيات عربية مختلفة وثقوا فيها طبيعة الحياة في المنطقة في خمسينيات القرن الماضي منها، «الإمارات السبع على الساحل الأخضر»، الصادر عام 1957 لأحمد قاسم البوريني، الذي قدم فيه وصفاً تأريخياً وجغرافياً لدولة الإمارات وأبرز سمات حياتها الاجتماعية وثرواتها الطبيعة، وكتاب «دبي.. لؤلؤة الساحل العربي» الصادر عام 1968 لمدير بلدية دبي كمال حمزة الذي وثق إنجازات الدوائر المحلية في إمارة دبي ومراحل تطورها عبر الزمن، و«ستة أسابيع في إمارة أبوظبي» كتاب عبدالعزيز الصرعاوي في الوصف التاريخي لإمارة أبو ظبي قبل قيام الاتحاد، و«أبوظبي - تقدم وازدهار» أحد أهم الكتب التي سجلت مسيرة الإنجازات العمرانية في الإمارة خلال تولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقاليد الحكم فيها، وكتاب «أبو ظبي في عامين» الصادر عن مكتب الوثائق والدراسات «الأرشيف الوطني الآن» والذي يسلط الضوء على تاريخ أبوظبي وبدايات نشأتها في حلتها الحديثة، وكتاب «أبوظبى كما رأيتها» الذي تحدث فيه الكاتب والصحفي اللبناني عبدالرحمن محمود الحص عن انطباعاته عن إمارة أبو ظبي وأهم معالمها، أما كتاب «المرشد الزراعي - إمارة أبوظبي» فيستعرض جهود الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في تشجيع وتنمية الزراعة، ومن الكتب كتاب «صقر الخليج الشيخ زايد بن سلطان - العين الخضراء والاتحاد»، الذي يوثق تاريخ إمارة أبوظبي ويتناول سيرة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومواقفه حيال الاتحاد، وكتاب «الخليج العربي»، الذي يسرد جوانب تاريخية وجغرافية لدولة الإمارات، وكتاب «الفجيرة» الذي يوثق لجوانب تاريخية وجغرافية لإمارة الفجيرة وأهم ملامح مشاريع التنمية فيها.
فيما عرضت مكتبة محمد بن راشد، مجموعة من المقتنيات النادرة، منها كتاب ألف ليلة وليلة 1839-1842، وهو طبعة عربية نادرة وكاملة لقصص ألف ليلة وليلة نشرها السير وليم ماكنجتن في مدينة كلكتا، وترجمة لاتينية نادرة ومزينة بالرسوم لـ«القانون في الطب 1562» لابن سينا، و«مقدمة ابن خلدون» طبعة باريس 1858، والتي تعد الطبعة الأولى للنص العربي، ونشرها المستشرق الفرنسي أتيين مارك كاترمير. كما قدمت إحدى دور النشر العالمية عشرات الكتاب والمخطوطات النادرة والتاريخية ومنها كتاب «هيبنروتوماشيا» الذي نشر خلال المئة عام الأولى من اختراع الطباعة، وسلط الضوء على اللغة العربية كواحدة من أربع لغات مهمة في العالم، كما يعرض أول قاموس فرنسي عربي طبع في العالم العربي وهو قاموس جان جوزيف مارسيل، الذي طبع في القاهرة عام 1798، وطبعة أولى نادرة جداً للرسالة ملاحية رائعة بقلم بيدرو دي ميدينا والتي تضمنت توجيهات للإبحار إلى أمريكا، بالإضافة إلى العديد من المصاحف الأثرية.
كما شهدت الدورة استضافة مفكرين وأدباء وفنانين عالميين، منهم مؤلف كتابي «المتفائل العقلاني» و«كيف يعمل الابتكار» مات ريدلي، ودكتورة كاريسا فيليز خبيرة أخلاقيات التكنولوجيا، والمخرج علي تبريزي صاحب فلم«مؤامرة على البحار» المصنف ضمن أكثر عشرة أفلام وثائقية مشاهدة على شبكة «نتفليكس» عام 2021.
حلت الجمهورية التركية ضيف الشرف للمعرض هذا العام، وقدمت برنامجاً متكاملاً للتعريف بالثقافة التركية وألوانها الأدبية ضمن جناح خاص احتضن الكثير من الفعاليات والندوات التي بحثت سبل التبادل الثقافي والمعرفي بين تركيا والعالم العربي، كما احتفى المعرض بإنجازات الفيلسوف العربي ومؤسس علم الاجتماع ابن خلدون باعتباره الشخصية المحورية لهذه الدورة من خلال مناقشات فلسفية وتاريخية وأدبية ركزت على أعماله شارك فيها نخبة من النقاد والمؤرخين والأساتذة.
* تصوير: محمد السماني
