لعل هذه القصة هي أحد أكثر القصص إلهاماً وتأكيداً على أنه أياً كانت بدايتك فلن يمكنها أبداً أن تحدد مجرى حياتك. فلم يكن المخترع ورجل الأعمال والمليونير الأمريكي فريدي فيغزر يعلم بتفاصيل قصة تبنيه الحزينة إلى أن أخبره بها والده بالتبني وهو يبلغ من العمر 8 سنوات.
شعر فريدي بحزن بالغ حين علم أن والديه اللذين عاش معهما 8 سنوات كاملة ليسا والديه الحقيقيين، وإنما وجداه ملقى إلى جانب حاوية نفايات في منطقة نائية بولاية فلوريدا وعمره لا يتجاوز اليومين.
تعرفوا معنا إلى القصة الملهمة للمبرمج والمخترع الأمريكي ذي الأصول الإفريقية، فريدي فيغرز:
تم العثور عليه ملقى في القمامة عام 1989
كان «ناثان فيغرز» عائداً إلى منزله بعد يوم عمل شاق، عندما سمع بكاء طفل رضيع قادماً من وراء حاوية نفايات كبيرة. توقف ناثان للحظة مندهشاً، ثم تابع سيره في اتجاه الصوت ليجد طفلاً رضيعاً لا يتجاوز عمره اليومين، ملقى على الأرض بين أكوام القمامة. التقط ناثان الطفل على الفور وذهب إلى منزله ليطلع زوجته «بيتي ماي فيغرز» بما وجد. كان الزوجان في الخمسينيات من عمرهما ولم يرزقا بأطفال، فلم يطيلا التفكير كثيراً قبل أن يقررا تبني الطفل، ومنحاه اسم «فريدي».
تنمر عليه زملاؤه ولقبوه بطفل القمامة
عاش فريدي مع أبويه بالتبني، لكن عندما أتم عامه الثامن بدأ يعاني تنمر زملائه في المدرسة، ولم يفهم في بادئ الأمر لماذا يلقبه زملاؤه بفتى القمامة، وكم كانت صدمته كبيرة عندما سأل والده وسمعه وهو يخبره بالحقيقة كاملة وبدون أي تجميل. توقف عقله عن التفكير بعد الجملة المرعبة التي تفوه بها والده، ولم يملك أن يمنع نفسه من التفكير في أنه لم يكن سوى كومة «قمامة» بالنسبة لأمه الحقيقية! لكن والده ضمه بحنان ولم يتركه يستسلم لذلك الشعور المرير، مخبراً إياه أنه يعني كل شيء بالنسبة له ولأمه بالتبني، وطلب منه أن يكون قوياً وألا يفكر في الماضي بل في المستقبل.
ما زال يتفاخر بهذا الجهاز
اشترى له والده جهاز كمبيوتر مستعمل بـ 24 دولاراً
لم يكن ناثان يملك الكثير من المال، ولكنه كان يؤمن بالمقولة التي تقول «نفايات البعض قد تكون كنزاً للبعض الآخر»، لذلك كان يصحب فريدي في عطلة نهاية الأسبوع ويتفقدان القمامة في أرجاء الحي لربما يكون أحدهم قد تخلص من شيء يستفيدان به. وكان أكثر ما يتمنى فريدي العثور عليه في حاويات القمامة هو جهاز كمبيوتر قديم، إلا أن ذلك بدا كأمر بعيد المنال. لذلك اصطحبه والده إلى متجر لبيع الخردوات وهو في التاسعة من عمره واشترى له كمبيوتراً قديماً مقابل 24 دولاراً فقط.
اكتشف ولعه بالتكنولوجيا منذ نعومة أظافره
على الرغم من أن الكمبيوتر الذي اشتراه فريدي لم يكن يعمل، إلا أنه فرح به فرحة عارمة ولم يتمكن من النوم في تلك الليلة حتى قام بفك أجزاء الجهاز لمحاولة إصلاحه. ولأن والده كان يعمل كفني صيانة، فقد اعتاد فريدي رؤيته وهو يفك الأجهزة الكهربائية مثل أجهزة الفيديو والراديو والتلفاز، وكان أحياناً يساعده في إصلاحها. وبالفعل تمكن فريدي، بعد محاولات عديدة، من إصلاح الكمبيوتر وكانت فرحته لا تصدق حين أضاءت شاشة الكمبيوتر أخيراً، وأدرك حينها أن هذا هو ما يريد القيام به لبقية حياته.
وعندما بلغ الثانية عشرة من عمره، أدرك مدير مدرسته، الذي كان في نفس الوقت عمدة بلدية «كوينسي»، براعة فريدي الشديدة في إصلاح أجهزة الكمبيوتر، فطلب منه إصلاح الأجهزة المعطلة في مجلس المدينة بعد الدوام المدرسي مقابل 12 دولاراً في الساعة. وقد أتاح له ذلك التعامل مع كافة أنواع أجهزة الكمبيوتر وتعلم مهارة الترميز، أو الـ Coding. لهذا فعندما بلغ فريدي 15 عاماً، قرر ترك الدراسة وتنمية مهاراته التكنولوجية، وبالرغم من معارضة والديه أصر على أن يبدأ عمله الخاص في مجال الكمبيوتر والحوسبة.
أسس شركة اتصالات في عمر السادسة عشرة
عندما بلغ فريدي فيغرز سن السادسة عشرة، أسس شركة «فيغرز للاتصالات»، وعندما أتم التاسعة عشرة، أسس شركة «فيغرز للاتصالات اللاسلكية»، وتقدم بطلب إلى لجنة الاتصالات الفيدرالية للحصول على ترخيص لتوفير خدمة الإنترنت للمناطق الريفية في شمال فلوريدا وجنوب جورجيا. وعندما حصل على الترخيص كان عمره 21 عاماً فقط، مما جعله أصغر مشغل لخدمات الاتصالات في الولايات المتحدة الأمريكية. وإضافة إلى ذلك، ففي عام 2014، أطلق فريدي هاتفاً ذكياً أسماه Figgers F1.
فريدي فيغرز مع والده
ألهمه مرض والده وعمه للمزيد من الاختراعات
لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فمع ازدهار أعمال فريدي بدأت أعراض مرض الزهايمر تبدو واضحة على والده حين بدأ يضل طريق العودة إلى المنزل، مما أحزن فريدي كثيراً، فعكف على اختراع جهاز تعقب GPS يمكن تركيبه في نعل حذاء المريض، وقد تمكن من بيع حقوق جهاز التعقب مقابل 2.2 مليون دولار في يناير 2014، إلا أن والده توفي في نفس الشهر.
كذلك بعد وفاة عمه بمضاعفات سببها له مرض السكري، اخترع فريدي جهازاً لقياس مستوى السكر في الدم يمكنه الاتصال بشبكة الإنترنت ويبث رسالة تنبيه إلى أقارب المريض وطبيبه المعالج لإنقاذ المريض من الدخول في غيبوبة سكر.
