النوم إحدى النعم الضرورية التي أوجدها الله سبحانه وتعالى رحمة بالإنسان لتستمر حياته على نحو أفضل، وأهمية النوم للإنسان حقيقة لا جدال فيه، لكننا لا ندرك أهميته إلا في الأوقات التي نعاني فيها الأرق والهم ويستعصي علينا النوم.
سألت «كل الأسرة» عدداً من أساتذة وخبراء الطب النفسي حول الأرق وقلة النوم: كيف نتعامل معه؟ ولماذا يستعصي علينا النوم في بعض الليالي؟ وما مخاطر الشكوى من قلة النوم؟ وما هي الوصفة النفسية التي يقدمونها للشخص الذي تتلخص معاناته في كلمتين «لا أنام!»:
لماذا نفشل في النوم أحياناً؟
بداية يؤكد الدكتور أحمد سعيد، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، أن الأرق وقلة النوم مشكلة يتعرض لها أغلب الناس في فترات من حياتهم إما بسبب ظروف حياتية أو نفسية أو بسبب مشاكل صحية تسبب عدم القدرة على النوم لفترات النوم الموصى بها كل ليلة والتي تكون من سبع إلى 9 ساعات.
وحول الأسباب التي قد تؤدي إلى صعوبات واضطرابات النوم، يشير أستاذ الطب النفسي إلى:
ويلفت الدكتور أحمد سعيد إلى أن بعض أنواع الأرق قد تزول من تلقاء نفسها ويعود الإنسان لطبيعته وتنضبط ساعته البيولوجية عندما تزول الأسباب التي تسبب له الألم كأن تنحل المشكلة التي تؤرقه أو أنه يشفى من المرض الذي يجعل الألم يهاجمه ليلاً أو أن ينهار جسمه من الإجهاد ويستسلم للنوم رغم التفكير الزائد.
أنواع الأرق وكيف نتعامل معها؟
وتتفق معه الدكتورة هبة العيسوي، أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس بالقاهرة، في أن الحصول على عدد ساعات كافية من النوم مع الهدوء والراحة يساعد على الراحة النفسية وطرد المشاعر المرهقة. وترى أن الأفكار السلبية التي تهاجم الإنسان وتجعله يشعر بالأرق وقلة النوم يجب عدم الاستسلام لها وإلا فستسيطر علينا وتجعل خلودنا للنوم يتحول إلى كوابيس.
وتوضح أستاذة الطب النفسي أن الأرق نوعان:
وتشرح د. هبة العيسوي حقيقة أن الأرق يكون أكثر شيوعاً في السيدات وكذلك لدى كبار السن، وتتلخص شكواهم في صعوبة الخلود للنوم وكذلك صعوبة الاستمرار في النوم والاستيقاظ المبكر، وعندما تتكرر نوبات الأرق فإنها تسبب لهم الخوف من عدم النوم فيشعرون بالتوتر والقلق والاكتئاب مما يجعلهم يستدعون الأفكار السلبية التي تزيد من الحالة سوءاً ويدورون في هذه الحلقة المفرغة حتى تنتهي ساعات الليل.
أرق الحمل
وحول شكوى المرأة الحامل من قلة النوم ووجود صعوبات، تبين أستاذة الطب النفسي أن أغلب حالات الاكتئاب أثناء الحمل تكون سببها قلة النوم أو وجود صعوبات واضطرابات فيه فالمرأة الحامل تختلف مستويات الهرمونات مثل البروجسترون في الأشهر الثلاثة الأولى ومع نهاية الحمل تتفاقم مشكلة النوم بسبب كبر حجم البطن ومشاكل التنفس التي تداهمها في هذه الفترة.
والأمر لا يتوقف عند فترة الحمل بل إن مشاكل المرأة لا تنتهي بالولادة، ولكن أحياناً تبدأ معاناة جديدة مع النوم تسبب لها أيضاً ما يسمى باكتئاب ما بعد الولادة نتيجة الأرق الذي يسببه النوم المتقطع للطفل وعدم قدرتها على الاستغراق في النوم ليلاً بسبب مشاكل الأطفال في هذه السن من المغص وخلافه مما يجعل الكثيرات يدخلن في حالة نفسية سيئة تسبب لهم مشاكل صحية وجسمانية ونفسية.
الفوائد العلمية للنوم ولماذا يجب أن ننام؟
أما الدكتور محمد الشامي، استشاري الأمراض النفسية والعصبية بالقاهرة، فيوضح حقيقة النوم وأهميته في أن الله سبحانه وتعالى أوجده رحمة بالإنسان وفضلاً، لأسباب عديدة، منها:
ويشدد الدكتور محمد الشامي على أن المشكلة قد تبدو للبعض أنها بسيطة وأنه يجب عدم الالتفات إليها إلا أنها في معظم الأحيان قد تتسبب في مضاعفات أكثر خطورة، ويقول «إن ساعات النوم الطبيعية في الشخص البالغ تختلف في المعدل من 4 إلى 6 ساعات يومياً والأفضل ألا تزيد على 9 ساعات لأن هذا المعدل يعتبر زائداً عن الحد وقد ينم عن مشكلة صحية أيضاً وقد يتسبب هو الآخر في بعض الأمراض العصبية والبدنية».
لماذا يقل النوم مع التقدم في السن؟
يجيب الدكتور الشامي "مع تقدمنا في العمر يصبح الحصول على نوم جيد ليلاً أكثر صعوبة، ويمثل أحد التحديات التي تواجه الشيخوخة الصحية التعرض لمشاكل النوم وإصلاحها لضمان الحصول على قسط كاف من الراحة من أجل صحة جيدة. ومن أكثر الأمور التي تسبب مشاكل لدى كبار السن في مسألة النوم هو أن الجسم يقل إفرازه لهرمونات النوم المهمة مثل الميلاتونين وهرمون النمو، والتغيرات في مستوى هذا الهرمون تشعر الكثيرين منا بالنعاس في وقت مبكر من المساء ويستيقظون في الصباح الباكر ليواجهون صعوبة أكبر في النوم.
كما أن الظروف الصحية التي تطرأ علينا تتسبب في تداخل مع النوم مع تقدمنا في العمر مثل الإصابة بمرض السكر الذي يتسبب في الذهاب بشكل متكرر للحمام ليلاً ونفس الحال لتضخم البروستاتا مما يؤرق المريض ويوقظه عدة مرات علاوة على أن أغلب الأمراض آلامها تهاجمنا ليلاً مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم ومشاكل الكلى والكبد".
كيف نهزم الأرق ونخلد للنوم في هدوء؟
من أجل الحصول على نوم هادئ وقسط وافر من النوم بلا صعوبات، يقدم الدكتور محمد هاني، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية، مجموعة من النصائح لتقليل الأرق: