28 فبراير 2024

البحر صيدلية طبيعية وعلاج نفسي ما له حدود

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

البحر صيدلية طبيعية وعلاج نفسي ما له حدود

تخيّل أنك تسير على شاطئ البحر عند الغروب بقدمين عاريتين، تشعر بالموج يغسلهما من التعب بعد يوم عمل شاق...

البحر.. مسطّح مائي أزرق ممتد إلى اللاحدود، تصخب فيه الأمواج هادرة بلحن ترقص له أفئدة الكثيرين من عشاقه.. يهمسون له بأحزانهم وأفراحهم، يمشون على رماله بأقدامهم العارية فيشعرون بحرارة ذلك التلامس السحري الذي يداوي النفوس، قبل الأجسام.. في الليل أو في النهار، سباحة أو مجرد نزهة، يشكل البحر بالنسبة إلى رواده علاجاً لكل ما يصيب الأبدان من تعب وإرهاق.

وإذا كنت ممن يقطنون بالقرب من البحر، فإنك لذو حظ كبير، ولن يكون لك عذر لتبقى بعيداً عن هوائه، وشمسه ورماله.

البحر صيدلية طبيعية وعلاج نفسي ما له حدود

فوائد صحية رائعة

غالباً لا يكون الإقبال على البحر مصادفة، بل رغبة وحب، وانجذاب بشعور خفيّ لننعم بفوائده الكثيرة، من تنفّسٍ للهواء المشبّع بعنصر اليود الذي يساعد على النوم الهانئ، إلى المشي على الشاطئ الذي ينشّط الدورة الدموية، ويخفف من التوتر.

معظمنا يعرف فوائد البحر التي لا تحصى، وسنستعرض تالياً بعضها للتذكير بها، والترغيب في علاج طبيعي قد يغني عن الطبيب، خصوصاً أن أجواء بلادنا الدافئة تساعدنا على التمتع بكل ما يقدمه البحر لنا من شمس، وهواء، ورمال، سواء في فصل الصيف، أو في الفصول الأخرى.

دراسات علمية

العلماء يحثّون الناس على السكن بالقرب من البحر، ونحن لا نحتاج إلى أدلة وبراهين تؤكد أن من يعيش بجانب البحر لا يشعر بالتوتر الذي يسببه ضجيج المدن، وأنه يستمتع بفوائده الصحية والذهنية، وأنغام أمواجه الشجية. مع ذلك، أحببنا أن نعرف ما يضيفه الباحثون من فوائد قد تكون مخفية عن بعضنا.

اتفقت كل الدراسات على نتيجة واحدة أثبتت أن الحياة بالقرب البحر مفيدة للصحة الجسدية، والنفسية، والعقلية. وبمعنى آخر، ينصح الخبراء بهواء البحر، تماماً مثل مياهه، و صوت أمواجه، لمكافحة التوتر، وللحصول على نوم وتنفّس أفضل، لزيادة تقدير الذات، والاستمتاع ببشرة أكثر نضارة ونفسية مقبلة على الحياة أكثر. فماذا أيضاً؟

مصدر طبيعي للرفاهية والراحة

إن أحدث دراسة حول هذا الموضوع، تلك التي نُشرت في شهر مايو الماضي في مجلة «Communications Earth & Environment»، والتي أجراها باحثون في جامعة فيينا، بمشاركة أكثر من 15 ألف شخص من 15 دولة، بما في ذلك أستراليا، إيطاليا، فرنسا، والمملكة المتحدة. وكان الاستنتاج واضحاً «العيش بجانب البحر مفيد للصحة، والراحة النفسية، والشعور بالرفاهية، بغضّ النظر عن البلد، أو مستوى الدخل». فالبحر يمنح المزيد من النشاط البدني، والمزيد من التفاعلات الاجتماعية، وقبل كل شيء، يخفف من الشعور بالإجهاد، كما أن هواءه أنقى من الأماكن الداخلية المكتظة بالسكان والعوامل البيئية الملوّثة، ففي البحر توجد جميع المكونات التي تعيد شحن بطاريتك، وتساعدك على الاسترخاء بشكل مستدام.

البحر صيدلية طبيعية وعلاج نفسي ما له حدود

نوعية نوم أفضل

يزيد استنشاق هواء البحر من عدد ساعات النوم بضعاً من الدقائق كل ليلة، ويؤمّن نوماً مريحاً وهادئاً. وهذا أمر في غاية الأهمية، ذلك أن النوم يحسّن الوظائف الإدراكية، ويساعد على التعافي الجسدي، كما يقوّي جهاز المناعة، ويعزز صحة القلب. ووفق دراسة أجريت عام 2015، نشرتها صحيفة الغارديان، يزيد المشي على شاطئ البحر من ساعات النوم كل ليلة ما متوسطه 47 دقيقة، في الوقت الذي لا يؤمّن المشي داخل المدن سوى 12 دقيقة إضافية من النوم كل ليلة. فمن الواضح أن هناك شيئاً مميزاً في المشي على الشاطئ يسمح للناس بتحسين أمزجتهم، وبالاسترخاء والنوم وقتاً أطول.

من ناحية أخرى، ووفق ما جاءت به الدراسة، يعزز المشي على الشاطئ الأفكار الإيجابية، ويساعد على حلّ المشكلات الأسرية، ويخفف من التوتر الذي يستوطن في الدماغ بسبب الأفكار السلبية والإجهاد.

التنفس بشكل أفضل

ينصح الخبراء من يمشون على شاطئ البحر بالتنفس بعمق، ذلك أن تركيز الأيونات السالبة واليود يزداد مع حركة الماء، فيكون الهواء أكثر نقاء، وأقل تلوثاً ممّا هو عليه في المدن، كما أن هذه العناصر تحفز القدرة على التنفس. ليس هذا فحسب، فمن المعروف أن الماء المالح يساعد على تنظيف الأنف، وبالتالي يخفف من التعرض لنزلات البرد. ويكفي العوم في المياه المالحة للاستمتاع بهذه الفوائد، بدلاً من الحصول على محلول ملحي من الصيدلية!

البحر صيدلية طبيعية وعلاج نفسي ما له حدود

سعادة واستمتاع

الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من البحر هم أكثر سعادة من أولئك الذين يسكنون داخل المدن، الدراسات تؤكد ذلك، وتؤكد أيضاً أن المناطق التي تغلب عليها المساحات الزرقاء عموماً؛ من بحار وأنهار وبحيرات، هي مناطق مفيدة للصحة النفسية، فقد تبين أن أولئك الذين يعيشون على بعد أقل من كيلومتر واحد من البحر، هم أقل عرضة لاضطرابات الصحة العقلية، مثل القلق والاكتئاب، مقارنة بأولئك الذين يعيشون أبعد من ذلك. إذن، هلّا شددنا الرحال إلى البحر، وفتحنا له أذرعنا لنتلقى العلاج الطبيعي الذي يمنحنا صحة وسعادة وحبوراً؟

 

مقالات ذات صلة