يشكّل السفر مساحة يتحرّر فيها الفرد من أعبائه ليكون على تماس مع بلد وثقافة جديدين وعوالم قابلة للاستكشاف والمغامرة. ولكن المساحة الأجمل التي يتيحها السفر هي تدعيم الحوار سواء بين الزوجين أو بين الأهل والأبناء حيث التواجد في مكان جديد يحارب الرتابة ويقتل الروتين ويحفّز الأفراد على "التنفس بأريحية"، بعيدا عن ضغوطات الحياة اليومية وأعبائها.
نورة النقبي
تحدّثنا الأخصائية النفسية نورة النقبي عن فوائد السفر بشكل عام وفوائده مع العائلة وبالأخص على صعيد التواصل الحقيقي مع الأبناء وهواجسهم وطموحاته كما إيجابياته على الزوجين، لجهة ما تشكّله التجربة من محطات مشاركة ولحظات صفاء و"أجواء نقية" للحوار الزوجي.
تستند النقبي إلى مقولة الإمام الشافعي عن السفر: «تَغَرَّبْ عَن الأَوْطَانِ في طَلَبِ الْعُلى... وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِدِ: تَفَرُّجُ هَمٍّ، وَاكْتِسابُ مَعِيشَةٍ، وَعِلْمٌ، وَآدَابٌ، وَصُحْبَةُ مَاجِد».
تقول النقبي «تفريج الهم من فوائد السفر وبالأخص في حال وجود خلافات بين زوجين، حيث يشكل السفر ملاذاً للنقاش واستعادة علاقتهما إلى اكتساب معرفة وعلم وتحصيل الأدب من العادات والتقاليد جراء تماس الفرد مع ثقافات وشعوب أخرى وإثراء ثقافته، وصحبة ماجد سواء الصحبة مع العائلة أو بين الزوجين، وتعزيز جانب الصداقة بينهما».
الفوائد العامة للسفر
فوائد السفر كثيرة، تورد النقبي أهمها:
- إثراء التبادل المعرفي بين الناس وتوسيع الفكر.
- التعرف إلى الثقافات وعادات الشعوب.
- التعرف إلى الحضارات والتاريخ.
- تقبل الاختلاف بين الشعوب وتعليم الأبناء تقبل الآخر سواء الاختلاف في اللغة والدين وحتى لون البشرة وطريقة الكلام وطريقة التفكير وغيرها.
- التمتع بمشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة، بما تشكله من متعة وترفيه عن النفس.
- التحرر من الروتين، يشكّل السفر فسحة للخروج من الروتين بالنسبة للزوجين ونوعاً من الاستقلالية والحرية للأبناء.
- اكتشاف معادن الناس وفرصة لاكتشاف نقاط القوة والضعف لدى الأبناء كما اكتشاف الزوجين لبعضهما البعض.
لا بد من المشاركة في برنامج السفر بين الأهل والأبناء وهذه الخطوة كفيلة بإرساء تجربة ممتعة ومريحة واستثنائية
خطوات مهمة قبل السفر
وعلى صعيد العائلة، ثمة خطوات قبل السفر لتدعيم تجربة سفر عائلية إيجابية، أهمها:
- التخطيط للسفر بالتعاون مع الأبناء والمشاركة في تحديد الوجهات المفضلة وترك الحرية للكل في تقديم اقتراحه ومميزات الوجهة بحيث يصبح السفر متعة.
- تقسيم العمل وتوزيع المهام على الأبناء والأهل كون العمل بروح الفريق والتعاون مرتكز النجاح.
السفر فرصة لحوار عائلي إيجابي
ترصد النقبي فوائد السفر على صعيد علاقة الأهل بالأبناء:
- يتعرف الأب والأم والأبناء إلى بعضهم عن قرب: لكونهم يقضون فترة طويلة معاً مع مشاركتهم الكثير من الأنشطة.
- السفر يجعل الأبناء أكثر اعتماداً على أنفسهم: وبالأخص في حال إشراك الأبناء في التخطيط للسفر وتحديد الوجهة وتعبير كل منهم عن رأيه في تنظيم جدول السفر.
- تعلم المرونة في التعامل: بحيث يتقبل الآباء أخطاء أبنائهم ويكون الأبناء أقرب لآبائهم في الحديث والتعامل.
- تنمية شخصية الأبناء: من خلال التجارب والمواقف التي يتعرضون لها سواء في المطار، الفندق أو المطعم وغيره.
- تعلم التخطيط المالي: كيفية الصرف وتدبير أمورهم المادية خلال السفر.
- الشعور بتعب الأم واهتمامها بهم: حيث تزيد المودة والألفة مع الأم.
الأب والأبناء.. تقارب وتفاعل أثناء السفر
تكمن فوائد علاقة الأب مع الأبناء، في ظل الوقت الكبير الذي يقضونه سوياً وعدم استلاب العمل وقته كونه في إجازة.. وأبرز تلك الفوائد:
- تنمية المهارات الاجتماعية بين الآباء والأبناء في التعامل مع أناس مختلفين خلال السفر.
- قدرة الأبناء على التعبير عن أنفسهم مع الأب، فرصة للحوار الهادف والإيجابي حيث توافر الوقت للإنصات والتفاعل.
- استثمار السفر في إقامة حوار فاعل بمعنى أن ثمة وقتاً للنقاش بحرية مع وجود الأب وإمكانية نقاشه في أمور ومشكلات من الصعب النقاش فيها بالمنزل.
- تعزيز وتقوية ثقة الأبناء بأنفسهم للنقاش مع الأب وتبادل الأفكار والرؤى وحتى التخطيط للمستقبل.
- استثمار الأب لوقت السفر لرفع منسوب الحب مع الأبناء واكتشاف عوالمهم.
فوائد السفر على صعيد العلاقة بين الزوجين
تتوقف الأخصائية النفسية نورة النقبي عند فوائد السفر وانعكاساته على العلاقة بين الزوجين:
- التخلص من الضغوط النفسية وتحسن الحالة المزاجية للزوجين والتفكير بطريقة إيجابية.
- محاربة الملل في العلاقة الزوجية التي يدمّرها الروتين.
- مساحة لتفكير الزوجين معا بدءاً من تشارك التخطيط للرحلة وغيرها من مستلزمات السفر ووضع أهداف قبل السفر.
- تجديد الحب والرومانسية بينهما مع غياب القلق والأعباء اليومية.
- تحسن لغة التواصل والحوار بينهما كون الزوجين يصبحان أكثر صداقة عند السفر.
- اكتشاف عوالم بعضهما وفرصة لانطلاقة جيدة في الحوار مع الزوجة وإزالة الرواسب.
- اكتساب خبرات مع بعضهما.
- اكتشاف كل منهما لأهمية الآخر ومدى أهمية أن يكونا معاً.
- تجنب الخلافات بين الزوجين بفضل التقارب والسعادة التي تظللهما.
- زيادة روح الدعابة والضحك والمرح ما بين الزوجين ومع الأبناء.
- تقارب الأفكار بدلاً من الخلافات في وجهات النظر.
- أكثر تسامحاً مع أخطاء كل منهما كون الأجواء تشجع على التغاضي والتنازل.
- مشاركة الزوجين في تحمل مسؤوليات الأبناء، فالزوج في إجازة والزوجة غير منشغلة بأعباء المنزل.
- الشعور بالأمن والأمان وزيادة منسوبهما لدى الطرفين مع تواجدهما سوياً.
