12 ديسمبر 2023

إنعام كجه جي تكتب: لا ترفع يدك عليها

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.

إنعام كجه جي تكتب: لا ترفع يدك عليها
الأستاذ المعتدي على زوجته

هناك اليوم سيف مُسلّط على رؤوس الآلاف من مشاهير الرجال الفرنسيين، سواء في ميدان الفن، أو القضاء، أو التدريس الجامعي، أو الإعلام. الكل خائف ومرعوب من الفضيحة، وهي قد تقضي على سمعته وتطرده خارج وظيفته، وتخرب بيته.

ما عنوان الفضيحة؟ مدّ اليد على الزوجة. وآخر الضحايا أستاذ مرموق من الهيئة التدريسية في معهد باريس العريق للعلوم السياسية. معهد يوازي التعليم الجامعي، لا يدخله سوى المتفوقين من صفوة الطلبة، ومنه يتخرج قادة الحياة العامة في فرنسا. لكن مدير هذا المعهد اضطر، قبل أيام، إلى التنحي عن وظيفته بعد توجيه اتهامات له بالعنف مع شريكة حياته.

يبلغ الأستاذ ماتياس فيشيرا من العمر 45 عاماً، وهو لم يصل إلى مركزه إلا بالجهد وشقّ النَفَس. لكنه فوجئ بمجموعة من الطالبات تقف على رصيف المعهد وتشكّل حاجزاً بينه وبين بوابة الدخول. عاد من حيث أتى بعد أن استحال عليه بلوغ مكتبه. ونشر المدير رسالة موجهة إلى كل العاملين والدارسين في المعهد، طلاباً وطالبات، أوضح فيها أنه بعد التفاوض مع رئيسة المؤسسة الوطنية للعلوم السياسية تم التوصل إلى تعليق وظيفته لحين انجلاء القضية.

طوال السنة الجارية لم يتوقف هذا النوع من الفضائح عن احتلال عناوين الصحف ونشرات الأخبار في فرنسا. تتبدّل الوجوه والتهمة واحدة. وقد يكون المتهم وزيراً، أو نائباً في البرلمان، أو قاضياً معروفاً، أو من نجوم السينما والتلفزيون، لكن اعتداء واحداً على الزوجة كفيل بإسقاط النجم من عليائه. وإلى جانب العنف الزوجي هناك تهمة أشدّ وقعاً تلاحق الكثيرين في فرنسا، وهي التحرش بالأطفال، أو اغتصاب القاصرات.

جرت العادة في السجون الفرنسية أن يوضع المدانون بهذه الجريمة في زنزانة منعزلة. لأن باقي السجناء يتسامحون مع من يسطو على مصرف وقد يعتبرونه شجاعاً، أو مع من يقود عصابة لتزوير الصكوك ويعتبرونه شاطراً، أو مع من يداهم متجراً للمجوهرات ويعتبرونه مُغامراً، أو حتى مع من يقتل انتقاماً لشرفه ويعتبرونه بطلاً... إلا من يغتصب طفلاً، فإنهم لا يتركونه آمناً، بل يقتصّون منه بأبشع ما يكون الاقتصاص. تصوروا قاتلاً ذبح رجلين من أقاربه، لكنه ينفر ممن ينتهك شرف قاصر.

أشهر الفضائح تلك التي أصابت النائب الشاب واللامع أدريان كاتنين، وكادت تقضي على مستقبله السياسي، بعد أن كان صاعداً بسرعة الصاروخ في المشهد السياسي والبرلماني الفرنسي. لقد اضطر للتنحي لأن زوجته ذهبت إلى مركز الشرطة وحررت بلاغاً تقول فيه إنه صفعها. ومن الواضح أن تصرفها حركة انتقامية. لكن الويل من انتقامهن.

وعودة إلى مدير معهد العلوم السياسية، لأن حكايته غريبة. وهو ما زال ينفي التهمة. فقد ألقت الشرطة القبض عليه وعلى زوجته ووضعتهما قي الاعتقال بعد أن تقدم كل منهما ببلاغ يتهم فيه الآخر بضربه. وتم عرض الزوجين على لجنة طبية فلم تجد عليهما آثار اعتداء كبير يستحق إجازة مرضيّة. وبعد ذلك أخلي سبيلهما.

جدير بالذكر أن المدير حصل على الوظيفة في خريف 2021 بعد استقالة المدير السابق. لماذا استقال؟ لأن تهمة وجهت له بالتستّر على وقائع زنا محارم ارتكبها الرئيس السابق للمؤسسة الوطنية للعلوم السياسية، والذي كان مشرفاً على معهد العلوم السياسية العريق. هل فهمتم شيئاً؟ أنا فهمت أن حاميها حراميها.

اقرأ أيضاً:
- إنعام كجه جي تكتب: خبز ضد العنف
- د. هدى محيو تكتب: العنف المنزلي والقوة المعنوية

 

مقالات ذات صلة