12 نوفمبر 2023

حسن مدن يكتب: القُبلة الأزمة

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

حسن مدن يكتب: القُبلة الأزمة

بالَغ وزير خارجية كرواتيا في إظهار مودته لوزيرة خارجية ألمانيا، أنالينا بيربوك، وحاول تقبيلها على خدها، فأوشكت القبلة أن تفجّر أزمة دبلوماسية بين البلدين، ومع أن المانيا تحتل المركز الثاني في قائمة الدول الأكثر تقبيلاً، لكن تصرف الوزير أثار استياء الوزيرة، فليس لكل القُبل المذاق نفسه. هناك فرق بين قبلة من شخص محلّ حبّ أو معزّة خاصة، وقبلة من غريب، قد يصحّ وصفه بالمتطفل، وهذا ما جلب للوزير الكرواتي سلسلة استهجانات، ممن اعتبروا تصرفه «غير لائق»، بما في ذلك من جماعات نسوية، فها هي ناشطة كرواتية نسوية بارزة، اسمها رادا بوريتش، تندد بسلوك الوزير، قائلة إن «التحيّات الحارة يجب أن تحدث بين أولئك الذين تسمح العلاقة بينهما بالتقبيل، وواضح أنه لا وجود لعلاقة كهذه، وأن الوزيرة فوجئت بهذا التقارب»، وبلغ الأمر برئيسة وزراء كرواتيا السابقة، يادرانكا كوسور، أن اعتبرت التقبيل عنوة، شكلاً من أشكال العنف.

كان الوزير الكرواتي واقفاً مع وزراء خارجية أوروبيين آخرين لالتقاط صورة جماعية خلال اجتماع للاتحاد الأوروبي، في برلين، وصادف أن الوزيرة الألمانية كانت تقف إلى جانبه، فمال على يمينه، حيث تقف، لتُباغت بتصرفه الذي أغضبها، ويقال إن الناس يميلون برؤوسهم إلى اليمين غالباً لتقبيل بعضهم بعضاً، ليجد من أريد تقبيله، حتى لو كان مرغماً على إحناء رأسه بالاتجاه نفسه، لدرجة أن أحد المواقع وصف القُبل عامة بـ«اليمينية»، لكن الوزيرة الألمانية لم تجد نفسها مضطرة لتحني خدها يميناً، وفي ردة فعل شديدة منها، أدارت وجهها متجنبة القبلة.
على خلفية استياء الوزيرة أنالينا بيربوك، واستهجان الكثيرين، وجد وزير خارجية كرواتيا نفسه مضطراً للاعتذار عما فعل، زاعماً أنه لم يدرك على الفور أنه أحرج نظيرته الألمانية بالتحية الودية، مضيفاً: «ربما كانت لحظة حرجة.. إذا كان هناك شيء غير مقبول، فإنني اعتذر عنه لمن أخذ الأمور بهذه الطريقة»، رغم مسعاه لتبرير ما فعل بقوله: «لا أعرف ما هي المشكلة. لم أرها. ولم أكن على علم بها. نحن دائماً نحيي بعضنا بعضاً بحرارة. إنه تفاعل إنساني دافئ بين الزملاء».

حادثة القبلة – الأزمة أعادت إلى الذاكرة تاريخ قُبل بين مشاهير لم تخلُ من التباس، وأشهرها قُبلة الملك البريطاني تشارلز، يوم كان أميراً، لطليقته الأميرة الراحلة ديانا، التي قالت بعد 11 عاماً على زواجها منه، إن أسوأ يوم في حياتها كان يوم زواجها في التاسع والعشرين من يوليو عام 1981. ورغم اكتمال كل عناصر السعادة في هذه الصورة، بما فيها القبلة التي تبدو كأنها نابعة عن حب حقيقي، إلا أن ديانا ترى أنها لم تكن كذلك، لأن تشارلز، كان مغرماً بامرأة أخرى، هي زوجته الحالية كاميليا.

 

مقالات ذات صلة